بقلم غسان حجار – في كثير من القرى والاحياء، وفي البلدات البعيدة والقريبة، رفعت بلديات لافتات تُشدد على منع تجوال العمال الاجانب بعد الساعة السادسة مساء. والعمال الاجانب هم السوريون تحديداً، فالتجوال غير ممنوع على باقي العمال، او بالأحرى على العاملات السري لانكيات والفيليبنيات والاثيوبيات، فهؤلاء يتمتعن بخصوصية معينة، وبصلاحيات واسعة، مستمدة من ربات المنازل، صاحبات السلطة والجاه.
اما السوريون الاثرياء، اصحاب الثروات والسيارات الفارهة، والذين يستأجرون او يشترون الشقق والفيلات، فلا عوائق أمامهم، ولا يسري عليهم القرار، قرار منع التجول، بل على العكس، يجدون الترحاب في القرى والبلدات، لانهم في الواقع يحركون الاقتصاد الجامد والآيل الى مزيد من بطء، مع التحذير المتجدد من الدول الخليجية لرعاياها بعدم التوجه الى لبنان هذا الصيف.
ومع مراعاتنا الجوانب الامنية للبلاد- ونحن حريصون عليها- ومع مراقبتنا لازدياد معدل الجريمة في انحاء البلاد، خصوصاً حيث زاد كثيرا عدد اللاجئين، الا ان الحقيقة ان الامن مهدد، ليس من العمال السوريين، بل ايضاً من عمال اجانب آخرين، والاهم من لبنانيين، سواء كانوا افراداً او مافيات منظمة لسرقة السيارات وتجارة المخدرات او تهريب البضائع والسلاح والممنوعات عبر المطار او المرفأ.
لكن الخطر الداهم يأتينا من لبنانيين يقحموننا في الازمة السورية، من “حزب الله” الذي قضى علناً على ما تبقى من سياسة النأي بالنفس وبالبلاد والعباد، وصرح بمشاركته في الحرب السورية، والشيخ أحمد الأسير، ورجال دين سنة امثاله يرحبون علناً بـ “جُبهة النصرة” ويدعون الى الجهاد دفاعاً عن أهل السنة والكتاب.
هؤلاء لبنانيون أباً عن جد، وخطرهم يتجاوز بكثير خطر عامل سوري فقير قد يسرق رغيف خبز، ويعكر الامن لبرهة. اما هؤلاء جميعاً، فيجب ان يمنعوا عن التجول ليل نهار، وان تحجب عنهم وسائل الاعلام حتى لا يبثوا سمومهم المذهبية التي تدفعنا الى منزلقات خطيرة، قد يصير معها كل الامن في خبر كان.
يستقوي الطرفان، حالياً، بما لديهما من مال ورجال وعتاد، وبخطوط حمر مفترضة تحول دون وقوع حرب طاحنة بينهما، لكنهما، اذ يعلمان او لا يعلمان لا فرق، يتجهان معاً نحو الهاوية، لان كل تفلت يخرج عن الخطوط الحمر، سيقود حتماً الى النهاية، نهاية الطرفين السني والشيعي، ونهاية الوجود المسيحي المشرقي، ونهاية هذا الوطن الرسالة الذي قام على التعايش الذي ربما يصير غريباً عن الشرق العربي.
الخطر الحالي لا يأتينا فقط من الخارج وانما من انفسنا، فمن يحمينا؟