إكس خبر- مَنْ يُصغِ الى الاعلان الترويجي لبرنامج “تاريخ يشهد” على شاشة “المؤسسة اللبنانية للإرسال”، يشعر بأن مصير البلد كلّه متوقف على كلمة من ليلى عبد اللطيف، وبأنها محللة سياسية من الطراز الأول جاءت إلينا من المستقبل لكي تعلمنا بما نحن آيلون إليه: من هو رئيس الجمهورية المقبل؟ مَنْ حظوظه أقوى، سمير جعجع أم ميشال عون؟ ماذا يحصل في قضية سلسلة الرتب والرواتب؟ هل يستمر “حزب الله” في تورطه في الحرب السورية؟ دخيلك يا ست ليلى، أثلجي صدورنا وأخبرينا! الأنكى من هذا كله أن الجماهير لا تنظر الى المسألة كنكتة سمجة، والى البرنامج المذكور كعرض فكاهي. لا، بل هي تنتظر هذا الموعد على أحر من الجمر لكي “تعرف”. وهي، أي الجماهير، لا ترعوي في اليوم التالي عن النقاش والتفاؤل والتشاؤم والاستيعاذ والتخوّف.
ليس أبلغ تعبيراً عن الأزمة السياسية والاجتماعية والمعيشية والفكرية التي نتخبط فيها، وعن العقم الجماعي والفردي الذي نعانيه، من نسبة المشاهدة التي تتمتع بها ترهات ليلى عبد اللطيف. كان يقال في الزمان الغابر: “مصيرنا على كف عفريت”. الآن بات مصيرنا على لسان ليلى، فأبشروا.
لكن العتب ليس على السيدة البصّارة طبعاً: العتب، أولاً، على مَن يمنحها ويمنح أمثالها وقتاً على الهواء لكي تبخّ تهويماتها (وهي، من دون شك، تهويمات ملوّثة بمال الجهات التي تودّ أن تُمِرّ بواسطتها رسائل تخدم مصالحها)، بينما يظفر مثقفو هذا البلد – هذا إذا ظفروا – بخمس دقائق، بشقّ النفس، لكي يُمِرّوا فكرةً واحدة تستحق الانتباه والإصغاء. العتب، ثانياً وخصوصاً، على الناس طبعاً؛ أي على المشاهدين؛ وعلى هذا التاريخ الذي يشهد على إفلاسهم وسخافتهم ويأسهم وتمسّكهم بقشّات خرافية تارة، ومفبركة طوراً.
ست ليلى، “إيدنا بزنّارك”: كلمة منكِ تُحيينا، وكلمة تُردينا. نحن الشعب اللبناني العظيم، ورثة جبران خليل جبران والياس أبو شبكة وغسان تويني وأنسي الحاج والأخوين رحباني وسواهم كثر ممن صنعوا ألق تاريخنا وفكرنا، نضع أقدارنا الزفت بين يديك، فتنبأي واتحفينا.
ويا ليتك، على دربك – “هيك هيك” ترين ما لا قدرة لنا نحن البشر العاديين على رؤيته – تجيبين عن السؤال الآتي الذي يقضّ مضاجع آل الحداد، وهم شركاء في هذا الوطن، يسواهم ما يسوى آل الحريري وجنبلاط وكرامي والجميّل: بنت خالتي شارفت أواخر الثلاثين ولم تتزوج بعد. فهل ترين عريساً لها في الأفق؟