من جانبه أكد حلف الناتو أنه شن غارات “مكثفة ودقيقة” على أهداف تابعة للقذافي في طرابلس، موضحا أن “الأهداف تضمنت مراكز للقيادة والسيطرة وعددا من منشآت الدعم العسكري ومواقع مضادات الطائرات”. وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى قرارا في 17 مارس يقضي بفرض حظر للطيران في الأجواء الليبية، وفي أواخر الشهر نفسه نقلت قيادة العملية المكلفة بفرض الحظر من الولايات المتحدة إلى حلف شمال الأطلسي. وكانت العاصمة الليبية قد شهدت نهاية الأسبوع الفائت احتجاجات محدودة مناهضة للقذافي ، سرعان ما نجح أنصار القذافي في تفريقها ، وفق شهود عيان.
وقال شاهد عيان لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن معظم متاجر العاصمة مغلقة منذ شهر تقريبا كما توقفت الدراسة في الجامعات خوفا من أن يقوم الطلاب بتنظيم احتجاجات مناهضة للحكومة. وقال أحد سكان طرابلس إن سكان العاصمة لا يجدون وقودا لسياراتهم كما تعاني العاصمة من نقص حاد في إمدادات الغاز. وقال شاهدعيان آخر إن الناس يعتمدون الآن بصورة كبيرة على الحافلات والدراجات البخارية في النقل.
إلى ذلك؛ شدّد وزير المالية الجزائري كريم جودي على أن الحكومة الجزائرية لم تجمّد أموال وأصول مسؤولي نظام العقيد معمر القذافي كموقف منها بل جاء ذلك تطبيقا لقرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص هذا الجانب، رافضا في نفس الوقت الكشف عن حجم هذه الأموال والأصول. وقال جودي في تصريح له أمس أدلى به على هامش جلسات البرلمان الجزائري “إن الجزائر ملزمة ككل الدول بتطبيق القرارين 1970 و1973 المتعلق بفرض عقوبات على العقيد الليبي معمر القذافي وأبنائه وعدد من أركان النظام الليبي، إضافة إلى الشركات الليبية” مؤكدا أن ”الجزائر لا تفعل ذلك من موقف، وإنما انطلاقا من الالتزام بتطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي”.
ورفض الوزير الجزائري بشكل مطلق الكشف عن تفاصيل حجم وطبيعة الأموال والأصول المالية الليبية في الجزائر. وكان جودي وقع في 12 مايو الفائت على تعليمات داخلية وجهها إلى جميع البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين والإدارات العمومية والشركات الاقتصادية الجزائرية أبلغهم فيها عن قرار الحكومة تجميد أموال أو أي أصول يملكها نظام العقيد معمر القذافي وعائلته وحاشيته في الجزائر.
وأشارت التعليمات إلى أن من بين أهم الشخصيات التي تضمنها القرار العقيد معمر القذافي شخصيا وأبناءه وأفرادا من عائلته المقربين ومجموعة من الشركات التي تمثل الأذرع الاستثمارية الليبية والصناديق الاستثمارية المنتشرة في العديد من الدول. وطالب وزير المالية المؤسسات الجزائرية المعنية بالقرار بالتوزيع الواسع للتعليمات على جميع الوكالات بشكل يضمن التعقب الجيد لجميع الأموال والموارد التي يمكن أن تكون تابعة بشكل أو بآخر لعائلة العقيد القذافي.
كما أمرالوزير الجزائري المؤسسات والبنوك وشركات التأمين ومكاتب التوثيق ذات الصلة بتجميد كل عمليات تحويل الملكية وكل عمليات التحويل المختلفة التي قد تبادر بها أطراف ذات صلة بالنظام الليبي على الأراضي الجزائرية. وتضمن الملحق الثاني الذي ألح الوزير بناء على قرارات مجلس الأمن الدولي بتطبيقه أسماء من عائلة القذافي وهم العقيد معمر القذافي نفسه وأبناؤه عائشة وحنبل وخميس والمعتصم وسيف الإسلام القذافي، بالإضافة إلى قيادات عسكرية ليبية محيطة بالعقيد.
وتضمنت قائمة المؤسسات الليبية المطلوب تجميد أرصدتها أو نشاطاتها في الخارج، البنك المركزي الليبي، هيئة الاستثمارات الليبية، بنك ليبيا الخارجي، صندوق الاستثمار الليبي في أفريقيا، بالإضافة إلى شركة النفط الليبية الحكومية. وعلى صعيد آخر؛ توجه رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الروسي ميخائيل مارغيلوف مساء أمس إلى مدينة بنغازي الليبية بصفته مبعوثاً خاصاً للرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف للقاء قادة المجلس الوطني الانتقالي الليبي المعارض. وقال مارغيلوف في تصريح لوكالة الأنباء الروسية “نوفوستي” إنه يعتزم لقاء كل من “(رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي) مصطفى عبد الجليل و(مسؤول الشؤون العسكرية) عمر الحريري و(مسؤول الشؤون السياسية ) محمد جبريل” في بنغازي.
وأكد الحرص “على العلاقات مع ليبيا والشعب الليبي”، مشيراً إلى أن “الرئيس الروسي يؤيد سيادة واستقلال ليبيا ووحدة أراضيها”. ولفت إلى ان المجتمع الدولي عامة والعالم العربي وأفريقيا خاصة تريد أن تحافظ ليبيا على وحدة أراضيها وتكون ديمقراطية.
وأعرب مارغيلوف عن ثقته بأن الليبيين قادرون على حل مشاكلهم وبناء مستقبلهم بأنفسهم، مشيراً إلى ان نزاعاً مسلحاً طال أمده يعرض الوضع الإنساني في ليبيا والدول المجاورة التي تستقبل اللاجئين الليبيين للمزيد من السوء الأمر الذي يهدد بزلزلة الأوضاع في المنطقة. وعن مهمته قال مارغيلوف إن محادثاته في ليبيا ستتناول ما يمكن اتباعه من سبل لحل النزاع في ليبيا ومنع وقوع كارثة إنسانية.
يشار إلى ان ليبيا تشهد قتالاً بين قوات القذافي وقوات المعارضة، فيما تعمل قوات التحالف الدولي بقيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) على تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1973 بهدف حماية المدنيين في ليبيا.
وكانت روسيا واحدة من الدول الخمس التي امتنعت عن التصويت على القرار 1973 الذي أقر في 17 مارس الفائت ونصّ على فرض حظر جوي على ليبيا واتخاذ إجراءات لحماية المدنيين من القوات الموالية للقذافي. لكن روسيا غيرت مواقفها مؤخراً ودعت، خلال قمة مجموعة الثماني التي عقدت بفرنسا، القذافي إلى التخلي عن السلطة، وأكد ميدفيديف استعداد بلاده للتوسط لحل الأزمة الليبية وإرسال موفدين إلى بنغازي وطرابلس.