دولة “اصبع الأسير”…!

لا يمانع الشيخ احمد الاسير من المثول امام مخفر صيدا للادلاء بافادته، وشرح ملابسات حمله السلاح علناً قبل أيام في شوارع صيدا. لكنّه يشترط لفعل ذلك أن “يُحاكم السيّد حسن نصرالله على كلّ جرائمه”.
هذا يعني بكل تبسيط ممكن، بأنّ إمام مسجد بلال بن رباح لن يمرّ حتى من أمام مخفر صيدا (قد يفعل ذلك متأبّطاً سلاحه ومستفِزّا العناصر الامنيّة). واستطراداً لن يرى أيّ قاضٍ أو محقّق في العدليّة أو ضابط في غرف التحقيق وجه الاسير live.
سيثابر جميع هؤلاء على مواكبة نشاطات الاسير “العسكريّة” والاستعراضيّة من خلف الشاشة الصغيرة أو على مواقع التواصل الاجتماعي، مثلهم مثل جميع اللبنانيّين.
واقع يفرض نفسه، طبعاً ليس فقط لأنّ “السيّد حسن لن يحاكم على جرائمه” (وبالمناسبة، أيّ جرائم؟)، بل لأنّ الاسير نفسه هو أقوى من الدولة كلّها.
على كامل أراضي الجمهوريّة، ما من أحدٍ قادر، من جهات أمنيّة أو قضائيّة، على الدردشة “على فنجان قهوة” مع عمر الاسير نجل أحمد الاسير لسؤاله، أو حتى استمزاج رأيه، في الاسباب التي دفعت مجموعة من المسلحين في تشرين الثاني الماضي الى “انتشاله” من قبضة عناصر قوى الامن الداخلي التي أوقفته لقيادته سيّارة من دون أوراق ثبوتيّة ولا رخصة للزجاج الداكن (فوميه)… فكيف بالنسبة الى أحمد الاسير نفسه؟
سقوط “الجمهورية اللبنانية” في امتحان شادي المولوي، وعرسال، والطريق الجديدة، والموقوفين الاسلاميين، وحماية المستشفيات من هجوم “كوماندس” أصحاب اللحى لـ “تحرير” متهم بإطلاق النار على وزير، وحماية ضبّاط الجيش من الاعتقال التعسّفي (الكويخات نموذجاً)… ذلك كلّه يبرّر، و”يبارك”، للشيخ أحمد الاسير “حريّته” في الافتعال بالجمهوريّة وأهلها.
يقود “الشيخ” البلد الجميل نحو الفوضى… “سلميّاً”. هو واحد من اللاعبين على وتر الفتنة. يكاد لا يرتقي، حتى، الى مستوى “الكومبارس” في مؤامرة مذهبة بلد التعايش. لكن بهلوانيّاته كلّها تصبّ في وعاء “المجهول” الذي ينتظر اللبنانيّين.
الاسير أقوى من الدولة، “بإرادة” صاحبة الجلالة نفسها. لديه رئيس جمهوريّة. بحكم الدستور هو القائد الأعلى للقوات المسلّحة. هذا يعني، بالفطرة، أنّه قادر “بأمر اليوم” السياسي الصادر من بعبدا أن يعطي الضوء الاخضر للجيش بأن يتصرّف. أقلّه أن يضعه عند حدّه. لكن حتى اللحظة لم يفعلها “فخامته”… كما يجب.
لديه رئيس حكومة “يحميه برموش العيون”، ويقدّم له خدمات مجانيّة بمجرّد أنّه يبدّي مصلحة مسايرة الطائفة على حساب المصلحة الوطنيّة.
“دولته” مستعد لأن يدخل برجليه الى الزنزانة، على أن يرى إسلامي متطرّف، أو متهم بالارهاب، وراء القضبان الحديديّة في سجن روميه… لديه رئيس حكومة مهجوس بخسارة أصوات “الطائفة المهزومة”.
لديه وزير داخليّة لا يؤمن إلا بالدبلوماسيّة. أما الحسم فآخر الخيارات، والأرجح غير موجودة أصلاً. “غاندي الداخليّة” يغمض عينيه حين يرى الاسير مع “جماعاته” مدجّجين بالسلاح في شوارع صيدا، ليترأى له الشباب حاملين باقات ورد يوزّعونها على المارة. هو نفسه من لا يزال يصرّ على عدم وجود عناصر لـ “تنظيم القاعدة” في لبنان.
… ولديه أيضاً دولة بأمّها وأبيها تنأى بنفسها عن الارهاب و”اهله”. تصمّ اذنيها عن شعارات “الشعب يريد اعلان الجهاد”.
هكذا، وحتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، سيستمرّ الاسير، وكلّ من ينتمي الى مدرسة “المذهبة”، في استعراضات التمرّد على الشرعيّة.
لن تنفع إعاقة وصول المتظاهرين، من قبل الاجهزة الامنيّة، الى وسط بيروت للتضامن مع الموقوفين الاسلاميّين. ولن ينفع تشديد الجيش حصاره على عرساله. ولن ينفع، بالسياسة، “تبويس اللحى” الكثّة. ولن تنفع “ترقيعات” الكواليس. ولن ينفع النأي بالنفس. ولن ينفع “تدليل” المتهيمن بالارهاب…
فَتَح “الغول” فمه. لا ينقصه سوى أن يطبّق على أرواح بلد الانفتاح والتعايش. ما على “جمهوريّة الارز” سوى أن تستفيق من غيبوبتها قبل أن يحكم “اصبع الاسير”… و”أصابع كلّ الاخوان”.

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *