لم تكن فلسطين يوما غريبة على أهلها ولن تكون. ولم يكن
الصهاينة يوما أهلاً لفلسطين ولن يكونوا. فلسطين عربية بل هي قلب العرب ورمز
العروبة وستبقى هكذا رغم كل طعنات العرب. أكثر من 60 عام وعينها تقاوم المخرز
الصهيوني فما هانت وما استكانت. بصدرها العاري قاومت القتل والتنكيل على مر السنين
والعقود، وبسواعد أبنائها الى أهلها حتما ستعود.
فلسطين يا
أرض الجدود…إليك لا بد أن نعود
لا تزال فلسطين تحيا
في وجدان كل لاجئ فلسطيني قاسى رحلة التغريب الطويلة التي استمرت عقودا. أجداد
وُلدوا مواطنين فلسطينيين فماتوا لاجئين في مخيمات القهر، وأحفاد وُلدوا لاجئين
يحلمون أن يموتوا مواطنين على أرض فلسطين. اكثر من 60 عاما على محاولة طمس تاريخ
فلسطين وتراثها وهويتها وتغيير معالمها والاستيلاء على اراضيها ومحاولة قتل حلم
العودة من ذاكرة ابنائها إلا ان وهج العودة يزداد تألقا مع كل جيل، ويزداد معه
العناد على كسر الحدود التي فرضها المحتل عليه وحال بينه وبين أرضه. ابتكر
اللاجئون طرقا عدة لايصال قضيتهم الى محافل الامم فكانت مسيرات العودة الفلسطينية
عبر الحدود العربية عام 2011 والتي شكلت نقطة تحول استراتيجي لفرض العودة مما أقلق
العدو ليس على عنصر حدوده فقط بل حتى على وجوده فأمر بمواجهة تلك المسيرات السلمية
بالرصاص الحي والقاتل فزفّ الفلسطينيون عشرات الشهداء في تلك المسيرة قربانا
لفلسطين على طريق العودة.
أما لاجئو الداخل
فجروح اوجاعهم لا تنتهي ولا هي أقل آلاما من اوجاع فلسطينيي الخارج. أوجاع قد تبدأ
بممارسات التعذيب والتنكيل بحقهم، ولا تنتهي بالتضييق عليهم في لقمة عيشهم
وإذلالهم على معابر الاحتلال، والتحكم في مصير قوتهم ومائهم وكهربائهم وكل ما يمت
الى الحياة بصلة فدفعوا قوافل عديدة من الشهداء وآلاف الاسرى والمعتقلين، وقاوموا
بصدورهم العارية عدوان الدولة الصهيونية المستمر ليس آخره عدوان “الرصاص
المسكوب” على غزة عام 2008 و2009 والذي استمر 22 يوما من الموت والقتل
والدمار فيما الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنوات أودى بحياة عشرات المرضى هناك
وأذاق سكان القطاع الجوع والعطش.
فكيف بدأت
نكبة الفلسطينيين؟؟
على أرض فلسطين أُعلن
عشية 25 أيار 1948 قيام ما أسموه “دولة إسرائيل” فدخل العرب الحرب في
اليوم الثاني مباشرة لتحرير فلسطين من العصابات الصهيونية فعبرت الجيوش المصرية
والاردنية والسورية واللبنانية والعراقية الحدود وقامت بتحرير العديد من المدن
والمستعمرات والقرى واستمرت المعارك على هذا النحو حتى تدخل مجلس الأمن التابع للأمم
الدولية وفرض على المتنازعين وقفا لإطلاق النار في 10 حزيران 1948 تتضمن حظر تزويد
أي من أطراف الصراع بالأسلحة ومحاولة التوصل إلى تسوية سلمية.
قبلت الدول العربية
في 11 حزيران الهدنة لمدة اربعة اسابيع فانقضت الهدنة وتجدد القتال في 10 تموز
1948 حيث تمكن الجيش الإسرائيلي في اليوم التالي من دخول مدينة اللد أكبر مدن
فلسطين التاريخية وفرض سيطرته على مساحات واسعة من أراضي فلسطين فيما كانت القوات العربية
تتعرض لسلسلة من الهزائم المتتالية على يد العصابات الصهيونية. انتهت المعارك في
21 تموز بعد أن هدد مجلس الأمن بفرض عقوبات قاسية على الجوانب المتقاتلة. قبل العرب
الهدنة الثانية التي كانت اعترافا بالهزيمة ولتدخل حرب فلسطين التاريخ العربي تحت اسم
(النكبة).
النكبة
إذاً بدأت النكبة
الفلسطينية بإعلان قيام “دولة إسرائيل” في 15 ايار 1948 وهزيمة العرب
أمام العصابات الصهيونية، لتبدأ رحلة تشريد مئات آلاف الفلسطينيين الى الدول
العربية والذين يقدر عددهم اليوم بالملايين، واحتلال معظم الاراضي الفلسطينية
وارتكاب عشرات المجازر والفظائع فأبيدت أكثر من 500 قرية مع عائلاتها وتم تدمير
المدن الفلسطينية وتحويلها إلى مدن يهودية. كما طُردت معظم القبائل البدوية التي كانت
تعيش في النقب في محاولة لتدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية
وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد
طبيعي أوروبي.
الإرهاب
الصهيوني
زعم الإسرائيليون الصهيونيون
دائماً أن ما حدث سنة 1948 هو ان الزعماء العرب طلبوا من الفلسطينيين مغادرة قراهم
ومدنهم مؤقتاً، ريثما تقوم الجيوش العربية بالقضاء على الدولة اليهودية الوليدة. فاستجاب
عدد كبير من الفلسطينيين لهذا الطلب، وخرجوا بمحض اراداتهم ، ظانين أنهم سيعودون إلى
بيوتهم بعد فترة وجيزة – ولكن الجيوش العربية فشلت في مهمتها، فطالت فترة الانتظار
حتى أصبح الفلسطينيون لاجئين.
لكن الحقيقة تقول عكس
المزاعم الاسرائيلية اذ ان الارهاب الصهيوني ومذابحه البشعة بحق الفلسطينيين منذ
قبل إعلان قيام الكيان الغاصب هو ما دفع الفلسطيينيين الى الفرار وليست مذبحة دير ياسين
عام 1948م إلا واحدة من سلسلة مذابح نظمتها العصابات الحاقدة، ومع أنها المجزرة التي
اشتهرت أكثر من غيرها، حيث جرى توثيقها على نطاق واسع وبدقة كبيرة، وقد بلغ عدد ضحاياها
عدة مئات حوال254 من شيوخ ونساء وأطفال، إلا أنها لم تكن المجزرة الوحيدة، أو أكبر
المجازر التي ارتكبت فقد كانت مجزرتا الدوايمة قضاء الخليل، ومذبحة اللد أكبر وأبشع.
وقد نظمت العصابات الصهيونية العديد من المذابح والمجازر
للشعب الفلسطيني الآمن في وطنه حوالي 25 مجزرة منها مذبحة سعسع، ومذبحة سلمة، وبيار
عدس، ثم مذبحة القسطل، ومذبحة طبريا، ومذبحة سريس، وحيفا، والقدس، ويافا، ومجزرة عكا،
ومذبحة صفد وليس آخرا مذبحة بيسان.
ما أُخذ بالقوة لا يُسترد
الا بالقوة. هكذا قال يوما الرئيس العربي جمال عبد الناصر وهكذا ترجمت مقاومة
لبنان مقولته عندما دحرت العدو الاسرائيلي دون قيد او شرط، وهكذا تسير اليوم
مقاومة فلسطين لاسترداد فلسطين من البحر الى النهر، بانتفاضات قضّت مضاجع
المستوطنين وقادة العدو.
فبدماء عز الدين
القسام واحمد ياسين ودلال مغربي والاف الشهداء حررت غزة أرضها وتقاوم القدس
تهويدها وتواجه الضفة الغربية جدار عزلها. لن تُنكب فلسطين مرتين. بل ان حقيقة
التاريخ تقول ان الغزاة ومهما طال الزمن، دوما الى زوال ونكبة الصهاينة آتية لا
محالة.