أكدت نجاة أنور رئيسة جمعية “ماتقيش ولدي” (لا تلمس إبني) على ضرورة القطع مع التقاليد البالية التي تربط بين شرف الفتاة وبكارتها، مطالبة بالتنزيل الحقيقي للمقتضيات الدستورية فيما يتعلق بسمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية.
وقالت أنور: “إن زواج القاصر من مغتصبها يشجع المجرم على جرائمه بما أنه سيفلت من العقاب بمجرد الزواج”.
تفجرت قضية زواج القاصرات في المغرب العام الماضي حينما أقدمت الفتاة مغربية أمينة فيلالي على الانتحار بعد أن تم إرغامها على الزواج من مغتصبها بمباركة من قاضي الأسرة، وهو ما حرك سلسلة غضب وسط الشارع والمهتمين بقضايا الطفولة من نشطاء المجتمع المدني مطالبين بمنع الزواج دون السن القانونية وبمحاكمة مغتصبي القاصرات بدل من تزويجهن بهم، ما يفهم منه سكوت عن جرائم عديدة تُرتكب في حق فتيات لا يزلن في مرحلة الطفولة.
القانون يُشرعن الاغتصاب
تشير المادة 20 من مدونة الأسرة (قانون الأسرة) أن لقاضي الأسرة الإذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية بمقرر معلل، يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي.
وقالت نجية أديب رئيسة جمعية “ما تقيش أولادي” (لا تلمس أولادي): “إن تزويج الفتيات القاصرات من مغتصبيهن وفق أحد فصول القانون الجنائي، يعتبر اغتصاباً من نوع آخر، لكونه يتم بموافقة القانون، وبالتالي فهو بمثابة شرعنة للاغتصاب بما أنه يتيح إفلات المجرم من العقاب.
إيديولوجيا ذكورية
من جهة أخرى، يرى الباحث في علم الاجتماع في جامعة محمد بن عبد الله بفاس أحمد شراك أن القاصر هي جسد طري قابل للاستهلاك الجنسي، بل وإن هذا الجسد مطلوب كلما كان صغيرا، فإن لمفهوم “السطاشية” (كلمة دارجة مغربية تردد كثيرا في الأوساط الاجتماعية يقصد بها بنت السادسة عشر ربيعا) له إيقاع خاص في نفوس الناس وتحديدا في اللاشعور الثقافي الذي عملت على تكريسه هذه الإيديولوجية الذكورية”.
أضاف شراك: “رغم أن مدونة الأسرة تنص على سن 18 سنة شرطا للزواج، فإن الإقبال على الزواج دون هذه السن كثير خاصة في البادية المغربية وبشكل متواتر ما بين 16 حتى 18 سنة، رغم محاولة السلطات القضائية الحد من هذا التدفق، إلا أنه لا زال في تزايد في ظل سيادة متخيل اجتماعي أكثر تطرفا في البادية المغربية وهو زواج البنت ربما قبل 14 سنة”.
وتابع: “يؤكد العرف الاجتماعي على أن الأسرة أيضا تريد التخلص من البنت في سن مبكرة، لأنها كلما تخلصت منها في وقت مبكر إلا وربحت رأسمالا أخلاقيا وآخر اقتصاديا”، مستبعدا محاربة الظاهرة في الأجل القريب.
أرقام مقلقة
كان وزير العدل والحريات المغربي مصطفى الرميد، قد أشار مؤخرا إلى أن زواج القاصرات في المغرب دون سن الأهلية يشهد ارتفاعا مضطردا من سنة إلى أخرى، مؤكدا أنه انتقل من 18 ألف و341 زيجة سنة 2004 إلى 39 ألف و31 زيجةً خلال سنة 2011.
وأشار إلى أن عدد طلبات زواج القاصرين المرفوضة من طرف قضاة الأسرة المكلفين بالزواج بلغ 4899 خلال سنة 2011 وهو ما يمثل نسبة 10,44% من مجموع الطلبات المحكومة، موضحا أن الإناث القاصرات أكثر إقبالا على الزواج، إذ لم تتعد طلبات الذكور 326 طلبا في سنة 2011، مقابل 46 ألف و601 طلبا للإناث.