إنقاذ أوكرانيا إقتصادياً غير ممكن من دون روسيا

إكس خبر- قبل تظاهرات الميدان في كييف ضد الرئيس الاوكراني السابق يانوكوفيتش، كان ثمة اتفاق وقع في حضور الأوروبيين والروس، وكان الروس على استعداد لتوفير قرض طويل المدى بقيمة 15 مليار دولار، هذا الى استحقاقات على تسليمات الغاز غير مدفوعة تقرب من 12 مليار دولار، علماً أن اوكرانيا كانت تحصل على سعر تشجيعي للغاز المستورد من روسيا.

 

في ذلك التاريخ قبل شهرين تقريباً، كانت السوق الاوروبية تعرض توفير تمويل على مستوى 650 مليون أورو (850 مليون دولار) وصندوق النقد الدولي يعرض تأمين قرض على مستوى 1,1 مليار دولار.

 

بعد تفجر الاحداث الدامية، وللتذكير نشير الى ان السلطات الاوكرانية الحالية تلاحق اعضاء في حزب اليمين المتطرف لحملهم السلاح وقيامهم باعمال قنص خلال التظاهرات وبعدها، وقد شاهدنا احد زعماء هذا الحزب الذي اردته قوى الامن اخيرا، يصفع قاضياً ويضرب بقبضته احد كتاب محكمة كان يمثل أمامها.

 

بعد اقدام روسيا على ضم شبه جزيرة القرم، شهدنا خطوات لمعاقبة روسيا تحظر تعامل 11 مسؤولاً روسياً مع المصارف الاميركية، وتصادر اموالهم فيها اذا وجدت، كما تمنع التعامل مع مصرف روسي اساسي.

 

وسارع الاوروبيون الى انجاز اتفاق تعاون-لا مشاركة- مع اوكرانيا تمهيداً لتحقيق خطوات من الجانبين تؤسس لانضمام اوكرانيا الى السوق الاوروبية بعد سنوات، والتزم الاوروبيون تقديم مساعدة على مستوى 1.1 مليار أورو بالتزامن مع تسهيلات من صندوق النقد الدولي، وهنا تظهر المشكلة.

 

صندوق النقد الدولي الذي كان يبحث في قرض على مستوى 1.1 مليار دولار يرفق بخطوات تصحيحية للاقتصاد الاوكراني اهمها ضبط الهدر والسرقات، عرض فجأة تقديم 18 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، شرط التزام الحكومة الاوكرانية الجديدة إصلاحات جذرية.

 

وقد ابرزت مجلة “الايكونوميست” في عددها الاخير استحالة توفير هذا القرض من صندوق النقد الدولي ما لم يقر الكونغرس الاميركي زيادة حصة الولايات المتحدة في رسملة الصندوق، وهي زيادة اقرت قبل ثلاث سنوات، ولا تنتقص من حق الفيتو للولايات المتحدة على قرارات الصندوق، ومع ذلك لم يقر الكونغرس الزيادة بعد، وفي رأي “الايكونوميست” انه لن يكون في وسع الصندوق توفير القرض في وقت قريب، والاقتصاد الاوكراني يكاد يختنق بمشاكله.

 

الرئيس اوباما، غير المتحمس لزيادة حصة الولايات المتحدة في رسملة صندوق النقد الدولي، خفف انتقاداته للروس، وبات يقول ان ثمة عقوبات اضافية قاسية اذا اقدم الجيش الروسي على اقتحام مناطق تقع في الجنوب الشرقي لاوكرانيا حيث وجود المواطنين ذوي الاصل الروسي كثيف، وقد اكد الروس بلسان الرئيس بوتين ووزير خارجيته لافروف انهم لا ينوون مهاجمة اوكرانيا، وانهم يفضلون حلا ديبلوماسيا.

 

حلف شمال الاطلسي والاميركيون يرفعون عصا هوائية تتمثل في مناورات مشتركة مع القوات الحكومية الاوكرانية، بما في ذلك مناورات في البحر الاسود، وهذا العمل يذكرنا بما قام به الاميركيون مع القوات الجورجية صيف 2008، والسلاح توافر للجورجيين من اسرائيل، الامر الذي استفز الروس. وعندما هاجم الجورجيون ابخازيا، وكانت منطقة محايدة بحماية امنية روسية، وقتلوا ستة جنود روس، تحرك الروس وفرضوا سيطرتهم على ابخازيا وعلى جنوب اوسيتيا، وهي منطقة محايدة كانت تخضع لحمايتهم الامنية.

الاميركيون يهولون بمختلف الوسائل، والرئيس اوباما تحدث عن منافسة تسليمات الغاز الروسي بتسليمات من انتاج غاز صخور الطفال في الولايات المتحدة، والواقع ان هذا الانتاج ساهم في كفاية الاستهلاك الاميركي الداخلي عام 2013، واي صادرات تقتضي انشاء مصانع لتسييل الغاز وشحنه الى مناطق الاستيراد حيث يفترض ايضاً انشاء مصانع لاستقبال الغاز المسيل، واعادة تأمينه على شكل غاز طبيعي قابل للضخ بالانابيب والاستعمال في المصانع، وخصوصا في محطات انتاج الكهرباء.

 

وحتى تاريخه لم يسمح الرئيس اوباما الا لثلاث شركات للغاز بانشاء مصانع لتسييل الغاز وشحنه، وهذه العملية لن تكون جاهزة قبل 2017، والشركات المعنية، ومنها شركة يملك غالبية اسهمها لبنانيان، متعاقدة على تصدير الغاز المسيل، وطوال سنوات الى بلدان غربية لا تشمل اوكرانيا ويواجه الرئيس الاميركي ضغطا داخليا لمنع تصدير الغاز، لان السوق الداخلية تحقق منافع اقتصادية كبيرة من استعمال الغاز محلياً، في انتاج الكهرباء، ومصانع الحديد والصلب، ومصانع البتروكيماويات، ومصانع السيارات، ومصانع الدهانات الخ

.

بكلام آخر، ان التهديد بتصدير الغاز الاميركي الى اوكرانيا ليحل محل الغاز الروسي امر غير عملي، وغير ممكن في وقت قريب، وتاليا فانه من دون روسيا، ومن دون تعاونها مع اوروبا والولايات المتحدة على برنامج لانقاذ اوكرانيا من الخراب المحتم، لن يكون هنالك امل للاوكرانيين في المستقبل المنظور.

 

وربما لهذه الاسباب، ولفترة انتظار المساعدات الغربية التي قد تطول، يبدو ان المرشح الاوفر حظاً لتولي الرئاسة في اوكرانيا هو الملياردير بيترو بوروشنكو يملك مصانع للشوكولا والصلب، وكان اصلاً وزير الاقتصاد في آخر حكومة ليانوكوفيتش.

 

والحديث عن يوليا تيموشنكو كمرشحة ذات حظوظ دونه الكثير من المعوقات. فهي متهمة بسرقة 220 مليون دولار من عقود للغاز مع روسيا، كما انها ظهرت حديثا في موقع الـ”يوتيوب” وهي تتناقش مع احد المعارضين الاشداء لروسيا، وقالت بالحرف الواحد، اريد ان أبيد الشعب الروسي بكامله، وان استعمل القنابل النووية لذلك (علماً بان اوكرانيا اعلنت ابتعادها عن تصنيع المفاعلات والقنابل النووية منذ 1994).

 

من المؤكد ان تصريحات كهذه تقارب الجنون لن تقرب يوليا تيموشنكو من السلطة، وانتخاب رئيس كان في حكومة سابقة مسؤولاً عن الاقتصاد ورجل اعمال ناجح قد يمهد لانجاز مشروع انقاذ اوروبي، روسي، اميركي، ومن دون ذلك لا امل لاوكرانيا في تحقيق ازدهار في وقت قريب، بل قد ينخفض الدخل القومي بنسبة ثمانية في المئة في 2014، و6 في المئة في 2015، والاوكرانيون لا يستطيعون الهجرة للعمل في بلدان السوق الاوروبية.

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *