“أم ياسر” فلسطينية سبعينية تحلم بالعودة لمرتع طفولتها في حيفا

إكس خبر – حلت النكبة الـ65 على الشعب الفلسطيني، محملة بمزيد من النكبات والآلام، في ظل تصاعد الاعتداءات الاسرائيلية بحق الفلسطينيين، وسط صمت عربي ودولي بل في ظل محاولات عربية وغربية لتصفية القضية الفلسطينية.

“إكس خبر” تحاول إسترجاع “ذكرى النكبة”، مع “أم ياسر”، تلك الفلسطينية السبعينية، التي استطاعت أن تختزن في ذاكرتها حتى اليوم صورة حيفا التي ارتسمت في مخيلتها قبل ٦٠ عاما تقريبا، يوم كانت المدينة لا تزال مرتعا لطفولتها.
 
في تلك المدينة الساحلية نشأت “أم ياسر” في أسرة ميسورة الحال. لم يعرف العوز طريقا للعائلة التي إمتلكت “فدانات” كثيرة من الأرض ورثوها عن أجداد سقوها بعرق الجبين كما تقول “أم ياسر”.

وقرب ساحل حيفا، انتصب منزل العائلة. منزل صمم وفق التراث الفلسطيني، الذي أحاطته أشجار مثمرة، تظللت الأسرة بفيئها حتى الرحيل، عندما استوطنه غرباء لا يربطهم تاريخ بتلك الأرض وبذاك المنزل. ورغم ذلك لا تزال “أم ياسر” تتمسك بمفتاح منزل والدها على أمل أن تتحرر فلسطين يوما، فيرث أولادها منزل الأجداد.

عند حدود حيفا يقف زمان “أم ياسر” وحديثها. شكلت تلك المرحلة، الحقبة الذهبية بالنسبة لها، والتي ستختلف لاحقا عما ستُقاسيه من مرارة “الشتات”.

بكثير من الألم، تعود “أم ياسر” للحديث عن المرحلة التي وطأت فيها أقدامها لبنان للمرة الأولى.

دخلت هذا البلد بعد أن أُجبرت على الهرب مع عائلتها من المجازر التي كانت ترتكبها عصابات الهاغانا بحق الفلسطينيين، على أمل أن تعود قريبا.

تقول “أم ياسر” إن والدتها حرصت جيدا قبل الرحيل، على الإهتمام بخابيات زيت الزيتون التي تجاوز عددها الـعشرين، وهي عبارة عن مؤونة العام، كما حرصت على إيداع مصاغها داخل أحد الأدراج وأحكمت إقفاله جيدا خوفا من سرقته في غياب العائلة، وتم بعدها إقفال المنزل بإحكام، لتنتهي بإقفاله مرحلة إختصرت العهد الذهبي لسيادة الفلسطينيين على أرضهم وممتلكاتهم.

طال التهجير، وطالت معه مأساة العائلة، بل مأساة شعب بأكمله. ورويدا رويدا فقدت العائلة الأمل بالعودة وبتحرير فلسطين، وأقيمت مخيمات “الشتات” لاحتواء الفلسطينيين.

أبت العائلة أن تدخل المخيم لاجئة، وأن تنتظر إغاثات ومعونات الدول، وهي التي كانت تملك أرزاقا تكفي أجيالا من بعدها للعيش ميسوري الحال، فطلب أفرادها اليوم الرزق بعرق جبينهم، واستأجروا منزلا يقيهم ذل العوز، وشبت “أم ياسر” وتزوجت من فلسطيني وعاشت معه خارج المخيم أيضا، ورُزقت بطفلين “ياسر وريما”.

غيّب الموت الزوج باكرا، وقاست “أم ياسر” الأمرّين في سبيل تأمين رزق أطفالها، فعملت مزينة للنساء ليلا في المنزل، فيما إمتهنت “الخياطة” نهارا.
كَبُر أطفالها وورثت البنت مهنة أمها في الخياطة، فيما صار ياسر عاملا في أحد المصانع في بيروت، فاستطاع الولدان أن يُحيلا الوالدة الى “التقاعد” في المنزل المتواضع في برج البراجنة في الضاحية الجنوبية.

ومثل ياسر وريما، شب جيل آخر من الفلسطينيين لم يعرف من دولته إلا “الاسم” وحكايا حملوها من آباء عايشوا النكبة.

صارت “فلسطين” بالنسبة لهم هوية، أما إنتماء غالبيتهم فأصبح لمخيمات “القهر” التي تنتشر في فلسطين ولبنان وسوريا والأردن، مخيمات تُشعرهم يوميا باليتم والحاجة لوطن حلموا به ولم يروه، وتُخيفهم من مصير محتوم بالنسبة لهم، بأن يموتوا كأسلافهم غرباء بعيدا عن أرضهم.

ذكرى النكبة
منذ ٦٥ عاما شُرّد شعب بأكمله من أرض فلسطين لتُقام دولة إسرائيل على أنقاض أحلام الفلسطينيين وأرضهم، الذين هجروا منازلهم على أمل العودة، فإذا بالعودة تصير حلما، وتصير “مخيمات الشتات” دولتهم الجديدة.

ففي ٢٩ تشرين الثاني من عام ١٩٤٧ وافقت الأمم المتحدة على قرار تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية وأخرى عربية فلسطينية وتدويل منطقة القدس، وفقا للتقسيم التالي: ٥٦% : لليهود، ٤٣% : للعرب، ١% : منطقة القدس.

وفي ١٢ نيسان ١٩٤٨، وبعد ارتفاع حدة القتال بين عصابات الهاغانا والقوى الفلسطينية والعربية، أقرت الجامعة العربية بإرسال الجيوش العربية إلى فلسطين وأكدت اللجنة السياسية أن الجيوش لن تدخل قبل انسحاب بريطانيا المزمع في ١٥ أيار.

قررت الحكومة البريطانية إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في منتصف الليل بين الـ١٤ و١٥ من أيار ١٩٤٨ بضغط من الأمم المتحدة، وفي الساعة الرابعة بعد الظهر من ١٤ أيار أعلن المجلس اليهودي الصهيوني في تل أبيب أن قيام دولة إسرائيل سيصبح ساري المفعول في منتصف الليل.

إمتنعت القيادة الصهيونية عن تحديد حدود الدولة في الإعلان عن تأسيسها واكتفت بتعريفها ك”دولة يهودية في إيرتس يسرائيل”، أي في فلسطين. أسفر الإعلان مباشرة عن بدء الحرب بين إسرائيل والدول العربية المجاورة.

وصلت الجيوش العربية من مصر وسوريا والعراق والأردن والسعودية ولبنان إلى فلسطين وهاجمت المستعمرات الصهيونية.
استمرت المعارك حتى تدخل مجلس الأمن وفرض وقفا لإطلاق النار في ١٠ حزيران ١٩٤٨ تتضمن حظر تزويد أي من أطراف الصراع بالأسلحة ومحاولة التوصل إلى تسوية سلمية.

رفض جيش الإنقاذ العربي القرار فواصل عملياته العسكرية في منطقة الجليل. تم تحديد الهدنة لمدة ٤ أسابيع وفي ٨ تموز ١٩٤٨ استأنف الجيش الإسرائيلي القتال في جميع الجبهات فتعرضت القوات العربية لسلسلة من الهزائم واستطاعت إسرائيل فرض سيطرتها على مساحات واسعة من أراضي فلسطين التاريخية. وانتهت المعارك في ٢١ تموز بعد أن هدد مجلس الأمن بفرض عقوبات قاسية على الجوانب المتقاتلة.

قَبِل العرب الهدنة الثانية التي كانت اعترافا بالهزيمة ودخلت حرب فلسطين التاريخ العربي تحت اسم (النكبة).

عندليب دندش

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *