عندما ينجح “حزب الله” في ارباك تل ابيب

إكس خبر- لم يكن الاربعاء الماضي مجرد تاريخ عابر في ملف الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، بل هو بداية لعودة الوحدة الى البيت الفلسطيني المأزوم.

منذ سيطرة حماس الكاملة على قطاع غزة وانسحاب كل قيادات السلطة الفلسطينية الفتحاوية الى رام الله في العام 2007 ، انجزت 4 اتفاقات لانهاء الانقسام في الدوحة والقاهرة ودمشق واخيراً في القاهرة.

 

فما الذي تغير حتى تكون مصالحة 23 نيسان 2014 ثابتة وراسخة؟ وما هو سر توقيتها؟ وما هي علاقة الورقة الفلسطينية في لبنان وحزب الله والقيادة الايرانية بالمصالحة؟.

 

في بيروت يجمع المعنيون بالملف الفلسطيني على ان اسباب المصالحة كثيرة فـ”فتح” ورئيسها محمود عباس قد وصلا الى مأزق كبير للغاية ابسط توصيف له هو ضياع فلسطين. فمنذ العام 1993 وحتى اليوم لم يعط المفاوض الاسرائيلي للمفاوض الفلسطيني وللسلطة الفلسطينية الا مزيد من الحصار والتضييق والعقد فكان الاسرائيليون يأخذون ما يعطون الفلسطينيين باليد الاخرى لا بل كان ما يعطونه يلغيه ما يليه من بنود. وهكذا دواليك حتى ظهرت مبادرة وزير الخارجية الاميركية جون كيري وعرفت فيما بعد بـ”ورقة كيري” وهي ترجمة عملية لاحلام ومخططات بني صهيون الفعلية واستثمار كامل لغبار ما سمي بـ”الربيع العربي”. فإسرائيل نجحت في تحويل هذا الحراك من مجرد حراك الى حالة غليان وحرب استنزاف لكل خصومها وفتحت لهم معارك لها اكثر من باب واكثر من نافذة.

 

وكلها لحرف الانظار عن مخططاتها لتصفية القضية الفلسطينية بكاملها من دعوة المفاوض الفلسطيني الى الاعتراف بيهودية الدولة الى اسقاط حق العودة والتخلي عن القدس عاصمة للدولة الفلسطينية الى ضياع سلطة المسيحيين والمسلمين على مرافقهم الدينية المقدسة. كل هذه الضغوطات دفعت بفتح ومحمود عباس الى اللجوء الى خيار مربح فلسطينياً ويخدم القضية ومقدساتها وخطوطها الحمر كما يزيل “شبهة” تضييع الحقوق والتواطؤ مع العدو لتصفيتها، وفي الوقت نفسه نجح محمود عباس ايضاً في إرباك الاميركيين والاسرائيليين ونقل الكرة الى ملعبهم.

 

في المقلب “الحمساوي” ليست الامور وردية فقيادة “حماس” محاصرة في غزة حيث نظام السيسي خنقها جغرافياً وحاصرها سياسياً عبر اصداره احكاما قاسية وغير مسبوقة بحق قيادات “الاخوان” و”حماس” بتهم التخابر مع جهات خارجية (حزب الله وايران وقطر) وصولاً الى وضع “حماس” و”الاخوان” على لائحة الارهاب. من جهة ثانية تتعرض “حماس” لحصار سعودي وضغوطات مشابهة لنظام السيسي ومن جهة أخرى لارباك على مستوى التحالفات السابقة مع قوى المقاومة في المنطقة من ايران الى دمشق وحارة حريك.

 

على مستوى العلاقة مع طهران تنتظر القيادة الايرانية قراراً حمساوياً “جريئاً” لعودة الامور الى سابق عهدها. فإيران ثابتة على مواقفها من المقاومة في فلسطين ولبنان والنظام في سورية بينما انحازت حماس الى تحالف القوى الساعي الى اسقاط النظام في سورية وعملت على اكثر من مستوى لتحقيق هذا الغرض. هذا التباين في مقاربة الملف السوري انعكس توتراً في العلاقة بين “حماس” و”حزب الله” سرعان ما تم تطويقه في لبنان وساهمت جهود المعنيين بالملف الفلسطيني في حزب الله في احتوائه على اعتبار ان القضية الفلسطينية هي نقطة ارتكاز لمشروع وخيارات المقاومة اللبنانية  الراسخة في مواجهة العدو واطماعه وطرده من الاراضي اللبنانية والعربية التي يحتلها.

 

ورغم ان شيئاً من الحذر يغلف مواقف متابعي المصالحة الفلسطينية الاخيرة ولا يدفعهم الى التفاؤل بصمودها حتى اكتمال بنودها بعد 6 اشهر بسبب المتغيرات السياسية الاقليمية الحاصلة، الا ان التشديد على اهمية توقيتها وخدمتها لعرقلة الاهداف الاميركية والاسرائيلية يتصدر الواجهة.

 

في المقابل يعبّر القيّمون على الملف الفلسطيني في “حزب الله” عن رضاهم وثنائهم على هذه الخطوة الايجابية ويدعون الى مزيد من الخطوات لتحصينها ويعتبرون ان اي تقارب فلسطيني من اي نوع كان من شأنه ان يفسد الخطط الصهيوينة والاميركية ويحقن الدم الفلسطيني ويحفظ الحقوق ويبقي البندقية في طليعة الادوات لمواجهة مخطط تصفية القضية.

 

منذ اسابيع اجمعت الفصائل الفلسطينية الوطنية والاسلامية على ورقة مبادىء وافكار هي حصيلة اجتماعات ولقاءات عدة لبنانية – فلسطينية مشتركة وكان الطرف الاساسي في مجملها، “حزب الله” الذي حرص على إبعاد ورقة المخيمات عن لعبة النزيف السوري ومنع زجها في الانقسام اللبناني حول سورية. والمبادرة الفلسطينية – اللبنانية نجحت منذ اشهر حتى الآن في ان تجعل من المخيمات صدى للخطط الامنية التي تنفذها القوى الامنية اللبنانية ونجحت في تطويق بعض البؤر الارهابية او “غير المنضبطة” وعزلها و”جعلها خارجة عن الخدمة” وربما محاصرتها.

 

ويؤكد هذا المنطق محاولة بعض الاطراف المتضررة من القيام ببعض الاعمال من اغتيالات ورمي قنابل واطلاق رصاص وتغمز قيادات فلسطينية من قناة بعض المتطرفين الاسلاميين وافراد تابعين لمحمد دحلان.

 

المصالحة الفلسطينية سواء اكانت بدعم من “حزب الله” وايران وبضغط متواصل منهما لتحقيقها لتفويت الفرصة على تصفية القضية المركزية، ام كانت منفذاً لتنفيس “حماس” و”فتح” الاحتقان الشعبي الفلسطيني العام ضدهما لاستمرار الصدام، فإنه في النهاية يخدم صمود فلسطيني وسورية وطهران وينقل الصراع من ارض سورية وفلسطين الى اروقة القرار السياسي في تل ابيب وواشنطن.

 

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *