انقطاع التواصل الجدي بين الحريري وجعجع سبقه تغيير كبير في علاقة “القوات” بكل من البطريركية المارونية والسفارة السعودية، فالسفارة المصرية التي لن تنسى وقد تبدلت مرجعيتها شعار جعجع “فليحكم الإخوان”، وأخيراً السفارة الأميركية التي حلّ فيها سفيرٌ غير مُعجَب بجعجع محلّ السفراء السابقين المسحورين به. وعليه، تعوّل معراب على مقال من هنا في إحدى الصحف الخليجية ومعلومة من هناك لمحاولة فهم حقيقة ما يحصل حولها، محلياً وإقليمياً ودولياً.
ويشير أحد المطلعين على علاقة “المستقبل”-“القوات” إلى أن تصريح الحريري بأن قوى “14 آذار” ستتفق على مرشح للانتخابات الرئاسية لم يكن موجهاً لجعجع، وخصوصاً أن اتفاق قوى “14 آذار” عليه شخصياً دونه عقبة كتائبية كبيرة، إنما لقوى أخرى وشخصيات داخل فريق “14 آذار” حاول جعجع استمالتها من الجهة “المستقبلية” إليه، فسحب الحريري بواسطة هذه الجزرة العصا من يد جعجع. وما نشاط النائب بهية الحريري المستجد إلا خطوة بالاتجاه نفسه: إستعادة قوى “14 آذار” من “القوات اللبنانية”. في وقت كان الحريري قد استوعب فيه محاولات قواتيّة للعب داخل ملعبه المستقبليّ عبر توزير اللواء المتقاعد أشرف ريفي، وتحرك بسرعة باتجاه البطريركية المارونية ونواب سابقين في الأمانة العامة لقوى “14 آذار” لقطع الطريق على محاولات جعجع محاصرة الحريري أو التضييق عليه.
وفي هذا الاطار، يمكن لـ”القوات” أن توضح وتنفي وتؤكد متانة علاقتها بتيار “المستقبل”، أما فعلياً فلا شيء يوحي بعودة الأمور بين الحريري وجعجع إلى العلاقة الوطيدة التي كانت عليها قبل أشهر عدة. أخطأ جعجع حين اعتقد أنه رأس حربة “14 آذار”، وأخطأ أكثر حين احتفل بتنامي شعبيته في مناطق نفوذ تيار “المستقبل”، كأنه لا يعلم أن أحد العوامل الرئيسية التي جعلت الحريري يختار التحالف معه عام 2005 على حساب عون، هو اقتناعه يومها بأن الطموح العوني يتجاوز الزعامة المسيحية لمزاحمة “المستقبل” في مناطق نفوذه أيضاً، فيما تاريخ “القوات” يفرض على جعجع ألا يكون زعيما إلا داخل طائفته، مطمئناً الحريري إلى استحالة مزاحمته مستقبلاً له.
وهنا لا بدّ من الاشارة أخيرا، الى أن في حسابات الحريري، لا مكان في قوى “14 آذار” لقائدين ولا مكان في الحياة السياسية لمن يفكر بمزاحمته أو “التمريك عليه” داخل طائفته.