ليلة انتصار الحب على السياسة والطائفية في لبنان

بقلم الصحافية (عندليب دندش): كسر حبهما حواجز الطرقات التي اقامتها الانقسامات السياسية التي تعصف بالبلد منذ سنوات. ففي بلد المذاهب والطوائف والتعصب السياسي والمناطقي والطائفي، استطاعت قصة الحب التي جمعت بين فادي وسامية ان تؤكد نظرية ان لكل قاعدة استثناء.

فادي هو ابن بيروت التي يُناصر غالبية سكانها تيار المستقبل في لبنان وينتمي للطائفة السنية. وبالطبع فإن فادي لم يسبح عكس التيار.

أما سامية فهي ابنة الضاحية الجنوبية التي تؤيد غالبية سكانها حزب الله وتنتمي للطائفة الشيعية. وبدورها لم تغرد هي خارج السرب.

إلا ان ما فرقته تلك الانتماءات السياسية والطائفية، استطاع الحب ان يجمعهما في أروع قصة حب كما يقولون وكما يُقال عنهم.

وفي زمن الخوف الذي يعصف بالبلاد ويُقيم الحواجز ويُقطّع اوصال الوطن عند كل ازمة تضرب هذا الفريق او ذاك، اعتاد فادي وسامية ان يتجاوزا كل تلك الحواجز وخطوط التماس التي تفصل بين الضاحية وبيروت.

هم يُدركون بفعلتهم بأنهما يُخاطران بأرواحهما عندما يندفع كل واحد منهما لتأمين طريق العودة للاخر الى منزله والتي غالبا ما تكون تلك الطرقات محفوفة بالمخاطر بفعل وجود شبان لا يميزون بين موال ومعارض بل همهم الوحيد الاعتداء على اي مواطن يريد ان يجتاز خطوط تماس رسموها بفعل تعصبهم.

وشكل ليل امس الاول الذي استشهد فيه اللواء وسام الحسن تجربة اخرى تُضاف الى سِجلّ تضحيات حبهما، عندما تقطعت اوصال الوطن على حين بُرهة قبل ان تستطيع سامية العودة من عملها الى منزلها عند العاشرة مساء.

أما فادي فلم يكن شيئا ليُقنعه بأن طريق سامية آمن وتستطيع العودة مع صديقتها بأمان الى المنزل. فأصر على المجيء بنفسه لايصالها وللاطمئنان عليها، رغم كل المشادات التي حصلت بينهما على خلفية ان طريق بيروت اكثر خطرا من الضاحية الجنوبية.

وحصل ما خشيت منه سامية. ظل فادي يلف وسط طرقات متقطعة لم يجد فيها منفذا الى الضاحية الجنوبية الا بعد طول عناء ومشقة. ثم ما لبث هذا الطريق الذي نفد منه ان قُطع بشكل نهائي ليتم احكام السيطرة على مداخل العاصمة واقفالها امام العائدين او الخارجين منها واليها.

بالنسبة لفادي يكفيه انه وصل الى مكان عمل سامية واستطاع ان يوصلها الى منزلها حتى ولو اضُطر للنوم في العراء.

أما هي فزاد قلقها وتخوفت من ان يقوم احد بالتعرض له اثناء اجتيازه احد الطرقات التي ظن انها ستوصله الى منزله.

قطع فادي هذه الطريق بسرعة قياسية ليُفاجئ في نهايته بأن شبان ملثمون يحملون العصي في ايديهم يقومون بحراسة هذه الطريق مانعين احدا من المرور، ومحطمين اكثر من 6 سيارات كدليل ودرس لكل من تسول له نفسه اجتياز “حاجزهم”.

هكذا اذا وجد نفسه فادي مُجبرا على العودة من جديد الى الضاحية الجنوبية سالكا طريقا بعكس السير، من دون ان يدري اي مكان سيقصده.

أما سامية فما كان منها الا ان هاتفته عندما تأخر في مراسلتها، وأدركت بأن فادي لم يصل الى منزله. فأخبرها بما جرى معه واصطحبته الى منزلها ليبيت تلك الليلة عند العائلة.

كانت الفرحة تعم داخلها. إنها المرة الاولى التي ينام فيها خطيبها عند اهلها رغم مرور اكثر من سنة. فرحت لانها سيكون وجه فادي اول وجه ستراه عندما تفتح عيونها صباحا. أما سهرتهما فطالت حتى الثانية صباحا وحملت الكثير من الدفء ومشاعر الحب رغم قلة الكلام.

انبلج صباح السبت. الطرقات ما زالت مقطوعة. اطلاق الرصاص يتطاير بين الفينة والاخرى في بيروت. أما فادي وسامية فلا يباليان طالما انهما بالقرب من بعضهما. وبالتأكيد هي لن تسمح له بالعودة الى منزله الا برفقتها لتطمئن على امان الطرقات التي سيسلكها.

وبالفعل اصطحبها خلال عودته وسلكا طرقات تفوح منها رائحة الدخان والانقسام.

وظلا لساعات يلفان حتى استطاعا الوصول اخيرا الى منزل فادي وليقوم في المساء بإعادتها الى منزلها بعد سلوكهما لخط سير لم يشهد اي احتجاج.

انتهى ذاك المساء. عاد فادي في تلك الليلة وحيدا الى المنزل وتاركا قلبه اسيرا بيد فتاة في “ضاحية” لا يتفق معها سياسيا. اما سامية فدخلت غرفتها وهي تشعر بالحاجة لقلب حبيب يوجد في “عاصمة” لا تُجاريها سياسيا.

لكن يبقى الاهم بالنسبة لهما ان كل ما فرقته السياسة جمعه الحب في قصة أنستهما مشاربهما السياسية ولو لليلة واحدة (اي في تلك الليلة التي بات فيها فادي في منزل سامية) لتكون “ليلة انتصار الحب على السياسة والطائفية”.

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *