في وقت تراجع فيه اهتمام المصريين بقضية محاكمة رئيسهم السابق حسني مبارك وابنيه ووزير داخليته، أثار استمرار دخوله قفص المحاكمة على سرير طبي في قضية مقتل المتظاهرين والفساد المالي، منذ بداية الجلسات في الثالث من أغسطس (آب) الماضي، حتى أمس، جدلا بين المحامين والمتابعين لوقائع المحاكمة التي بدأت في أعقاب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) من العام الماضي. كما أثار علاء، النجل الأكبر لمبارك، هو الآخر، انتباه المتابعين للجلسات بسبب اصطحابه كرسيا أحمر اللون للجلوس عليه منفردا رغم وجود مقاعد داخل قفص الاتهام بالمحكمة المنعقدة في مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة. وأدت الثورة لإسقاط حكم مبارك، وهو يحاكم الآن مع نجليه جمال وعلاء ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من مساعدي الوزير، إضافة إلى رجل الأعمال الهارب في إسبانيا حسين سالم.
ويبدو المشهد داخل قفص الاتهام متباينا، حيث يرقد مبارك على سريره الطبي وهو يرتدي «ترينج» رياضيا أسود اللون في آخر القفص، ويجلس بجواره نجله علاء مرتديا ملابس الحبس الاحتياطي البيضاء على كرسي خاص أحمر اللون، ويظل المتهم الرابع جمال مبارك واقفا طوال الجلسات لتدوين ما يحدث فيها في أوراق يحملها معه.
الى ذلك، اتهم محام يدافع عن ضحايا في ثورة 25 يناير المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالإدلاء بشهادة زور أمام القضاء حين قال إنه لا علم له بأن الرئيس السابق أصدر أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين اثناء الثورة.
واستمعت محكمة جنايات القاهرة امس الأول إلى 10 من محامي أسر القتلى والمصابين قالوا جميعا في اليوم الأول من مرافعات محامي المدعين بالحق المدني (المطالبين بالتعويض) إنهم ينضمون إلى النيابة العامة في طلبها توقيع أقصى العقوبة على المتهمين.
وقال المحامي أمير سالم في مرافعته إنه يطلب من المحكمة أن تطلب من النيابة العامة «تحريك الدعوى الجنائية عن الإدلاء بالشهادة الزور ضد المشير طنطاوي واللواء عمر سليمان».
وشغل سليمان منصب نائب الرئيس لأيام قليلة قبل الإطاحة بمبارك الذي عينه في المنصب في محاولة لتخفيف الاحتجاجات. وكان سليمان في ذلك الوقت مديرا للمخابرات العامة.
من جهة أخرى دافع فيصل العتيبي رئيس هيئة الدفاع التطوعية الكويتية عن الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك عن موقفه الذي اعتبر فيه ان مبارك لايزال الرئيس الشرعي لمصر وفقا للدستور والقوانين، وقال خلال مؤتمر صحافي ان قرار التنحي عن الحكم يستوجب أن يصدر عن الشخص نفسه وليس شخصا آخر، كما يجب أن يعرض على مجلس الشعب ويتم التصويت عليه وهذا لم يحصل مما يؤكد بطلان قرار التنحي، أما إذا قيل أنه «تخلى» عن منصبه فالمتخلي عن شيء بإمكانه التراجع عن قراره واسترجاع ما تخلى عنه في أي وقت بحسب القانون.
واستطرد أن فريق الدفاع لايزال ينادي مبارك بالرئيس وليس الرئيس السابق لقناعته بأنه لايزال الرئيس الشرعي لمصر دستوريا.
أما ما يتعلق بقضية التربح من بيع الغاز إلى إسرائيل، فأوضح العتيبي أن مصر وقعت على اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل في عهد الرئيس السابق السادات، وفي هذه الاتفاقية بند ينص على أن تبيع مصر لإسرائيل 2 مليون برميل نفط وهذا ما كان يحصل، ومع مرور الوقت وتزايد حاجة مصر للبترول وعدم قدرتها على تصديره، استخدم الرئيس السابق مبارك صلاحياته الدستورية في تعديل هذا البند ليتم تصدير الغاز الذي يتوافر بكثرة في مصر بدلا من البترول، وفي البداية كانت مصر تبيع الغاز بسعر دولار ونصف وهو سعر السوق الفعلي آنذاك، ثم ارتفعت الأسعار إلى أن وصلت إلى 4.5 دولارات، وقام الرئيس السابق مبارك بتعديل سعر الغاز لإسرائيل إلى 4.5 دولارات بل والمطالبة بهذا السعر بأثر رجعي منذ 4 سنوات وتحصيل فرق المبالغ، وبالتالي فلا يوجد أي تربح ولا صحة لكل ما يقال عن بيع الغاز لإسرائيل بأسعار أقل من سعر السوق، وأكد العتيبي ان كل هذا مثبت بوثائق رسمية.
يأتي هذا في وقت لاحظ فيه المراقبون تراجع اهتمام المصريين بوقائع جلسات الرئيس السابق، خاصة بعد أن قررت السلطات القضائية منع بث وقائع المحاكمة على القنوات التلفزيونية، إضافة إلى انشغال غالبية المصريين بانتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) التي بدأت منذ أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وستختتم اليوم (الأربعاء)، وسط تنامي الجدل حول شكل الدستور الجديد بعد استحواذ التيار الإسلامي على غالبية مقاعد البرلمان.