ولفتت المصادر لـ”الشرق الأوسط” إلى ان “السفير الأميركي لدى اليمن جيرالد فايرستاين طلب من رئاسة الخارجية الأميركية ألا تتحدث عن “الضغوط الأميركية” على صالح، ولكن عن “المصالح الأميركية”. وذلك لأن صالح، كما قال السفير “شخص عنيد، ويجب عدم وضعه في ركن ضيق”.
وذكرت المصادر أن “معارضين لصالح داخل اليمن طلبوا هم أنفسهم من السفير “عدم التفاوض مع صالح في وسائل الإعلام”؛ لأن صالح حسب معارضيه مستعد “ليتحالف مع الشيطان”، مع “القاعدة”، ومع الحوثيين، على الرغم من عدائه القوي لهم”. واضافت المصادر الأميركية إن “السفير نقل لوزارة الخارجية أن صالح إذا عاد فسيكون أكثر غضبا على معارضيه، خاصة الذين حاولوا قتله، خاصة أن إصابات صالح لا تمنعه من العودة؛ لأنها حريق خارجي، ومشاكل في التنفس”. وكانت أخبار من صنعاء قد نقلت، أول من أمس، أن السفير، خلال حفل إفطار في منزله لمسؤولين إعلاميين يمنيين، كشف عن أن “مفاوضات غير معلنة تجرى مع صالح، وأيضا بين صالح والمعارضة”. ونفى السفير “اتهامات، بعضها من الشباب المتظاهرين، بأن واشنطن تهتم بالحرب ضد “القاعدة” أكثر من اهتمامها برحيل صالح”.
واوضحت مصادر واشنطن إن “الموقف الأميركي نحو صالح تشدد مؤخرا بسبب الغضب على القوات اليمنية خلال الاشتباكات الأخيرة مع مقاتلي “القاعدة”. وذلك لأن القوات اليمنية ضربت مقاتلي قبائل محافظة أبين، التي لعبت الدور الرئيسي في القتال ضد “القاعدة”. ويعود لها الفضل في طرد “القاعدة” من زنجبار، وكذا في اعتقال وقتل مقاتلين لـ”القاعدة” اكتشف أنهم غير يمينين”. وقالت مصادر واشنطن إن “السفير الأميركي نقل للمسؤولين في اليمن قلق واشنطن من ضرب الجيش اليمني، خاصة السلاح الجوي، لقبائل أبين التي ساعدت في الحد من خطر “القاعدة”.
وفيما يخص أسباب قرار الرئيس اليمني بالبقاء في السعودية، قالت المصادر الأميركية إن “صالح استقر على البقاء في السعودية؛ حيث يوجد الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، وذلك خوفا من محاكمته في اليمن بعد أن يتغير النظام. وإن صالح كان يريد العلاج في ألمانيا، لكن الألمان اشترطوا قبوله كمواطن عادي، وليس كرئيس جمهورية”. ولم تحدد المصادر الأميركية “توقيت توقيع صالح على المبادرة الخليجية، لكنها قالت إنه ما دام قرر البقاء في السعودية، لا بد أن يوقع عليها، مع تعديلات لها صلة بتوقيت الانتخابات، وتقديم ضمانات لعائلة صالح”.
وعن دور مظاهرات الشباب في اليمن، اعتبرت المصادر إن “تجدد مظاهرات مصر مع مثول الرئيس السابق مبارك أمام المحكمة شجعت الشباب اليمنيين على رفع سقف مطالبهم، وهو ما حدا بصالح لاتخاذ قرار بعدم العودة إلى اليمن”.
وعن مستقبل الحرب الأميركية ضد “القاعدة” في اليمن، ذكرت المصادر إن “هناك انقساما داخل إدارة أوباما بين جناح معتدل، يقوده جون برينان، مستشار أوباما للإرهاب، الذي عمل مع وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” في المنطقة لسنوات كثيرة، وتربطه علاقة طويلة مع صالح. وجناح آخر متشدد تقوده وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي أعلنت في وقت سابق أنه لا بد من رحيل صالح، بصرف النظر عن أي عوامل أخرى”.
وفي تعليق له على الخبر، اعتبر رئيس الدائرة الإعلامية في المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن عبد الحفيظ النهاري إن “عدم عودة الرئيس اليمني رغبة أميركية، لكن الرئيس مُصر على العودة لتثبيت أسس عملية التداول السلمي للسلطة حتى لا يقتتل اليمنيون عليها”، موضحا ان “عودته فهي مرتبطة باستكمال فترة نقاهته، لكن الملفات العالقة لن تنتظر عودة الرئيس؛ لأن النائب مفوض بمعالجتها، وعلى رأس هذه الملفات ملف الحوار مع المعارضة”. وفيما يخص المبادرة الخليجية قال النهاري ان “المبادرة بمراحلها المنصوص عليها لم تعد واقعية، ولا عملية، والفرقاء السياسيون في اليمن متفقون على هذا الرأي، لكن الحل لن يكون بعيدا عن روح المبادرة الخليجية مع عدم التقيد بالفترات الزمنية المحددة في المبادرة”.
من جانبه، أكد عبد الله الرضي، السفير اليمني في المملكة المتحدة، أنه “لا يوجد ما يشير إلى عدم عودة الرئيس إلى أرض الوطن”. وأضاف في اتصال مع “الشرق الأوسط” ان “الموضوع المهم اليوم بالنسبة لليمنيين هو الحوار الذي ينبغي أن يستمر بين الفرقاء السياسيين للوصول إلى حل، بغض النظر عن كثرة التصريحات حول عودة الرئيس الذي لا يوجد مانع من عودته إلى بلاده بعد اكتمال فترة النقاهة”.