وجاء في بيان للمديرية أنه “على الرغم من التدابير المشددة التي اتخذتها وحدات الجيش اللبناني في منطقة مارون الراس لمواكبة تجمع المحتشدين بمناسبة يوم النكبة، اقدمت قوات العدو الاسرائيلي على اطلاق النار باتجاه التجمع المذكور مما ادى الى استشهاد عشرة من المحتشدين واصابة مئة واثني عشر اخرين بجروح مختلفة، بعضهم في حالة الخطر، نقلوا الى المستشفيات المجاورة”.
ولفت البيان إلى أن “قوى الجيش قد وضعت بحالة استنفار قصوى، كما قامت بإجراء التنسيق اللازم مع القوات الدولية لمنع تمادي العدو باستهداف الجموع وانتهاكه السيادة اللبنانية”.
ونشرت “الوكالة الوطنية للإعلام” 6 أسماء من عدد القتلى وهم:عماد ابو شقرا، محمد الموسى، محمد ابو شلحة، محمد سمير صالح، صالح أبو رشيد ومحمد سمير الفندي.
وعلّق الناطق بلسان جيش الدفاع البريغادير يوآف مردخاي على هذه الأحداث قائلا:” هناك بصمات ايرانية للتطورات الاخيرة على الحدود الشمالية (أي مع لبنان) في محاولة لاثارة استفزازات”.
هذا وحلقت طائرات مروحية اسرائيلية في الأجواء مقابل المنطقة واستقدمت القوات الإسرائيلية دبابات الميركافا وسيارات الجيب الهامر التي تمركزت في البساتين والاراضي المجاورة.
وشارك في الحدث الذي اطلق عليه اسم “مسيرة العودة الى فلسطين” عدد كبير من الناشطين اللبنانيين.
وتمكن العشرات من المتظاهرين من اختراق صفوف الجيش اللبناني والاقتراب من الشريط الشائك الحدودي رغم محاولات الجيش ثنيهم عن ذلك باطلاق النار في الهواء، واخذوا يرشقون الجانب الاسرائيلي بالحجارة ويلوحون بالاعلام الفلسطينية.
كما علقوا اعلاما فلسطينية على الشريط الشائك. وبعد اكثر من ساعة من القاء الحجارة ومواد اخرى صلبة في اتجاه الجنود الاسرائيلييين المتواجدين على بعد حوالى مئة متر من المتظاهرين، اطلق الجنود النار، ما تسبب بالاصابات.
ورغم اطلاق النار، استمر المتجمعون قرب الشريط بالقاء الحجارة، فيما كان المنظمون يطالبون الناس عبر مكبرات الصوت بالعودة الى الحافلات ومغادرة المكان.
وغادر معظم الموجودين باستثناء مجموعة من الشبان.
وكانت قد انتشرت عناصر القوى الأمنية والجيش على طول الطرق المؤدية الى الحدود مع إسرائيل وذلك لمناسبة ذكرى نكبة فلسطين، حيث شهدت الطرقات في منطقة صور والمؤدية الى الحدود الدولية حشودا شعبية للمشاركة في مسيرة العودة الى فلسطين.
وشهدت المنطقة الحدودية دوريات مؤللة وراجلة لليونيفيل على طول الخط الازرق وإقمة نقاط ثابتة جديدة في اماكن تجمع المشاركين بمسيرة العودة، ولوحظ في الطرف المقابل احتياطات عسكرية لقوات العدو الاسرائيلي.
واقيمت مراكز استقبال على النقاط الرئيسية المؤدية الى الحدود ونصبت الخيم واعد طعام الفطور وجرى توزيع المياه والاعلام الفلسطنية واللبنانية واعلام المقاومة الاسلامية في المراكز المذكورة، كما إنتشرت سيارات الدفاع المدني والاسعاف الاولى لعدد من الجمعيات الانسانية اللبنانية والفلسطينة.
كما اعلنت اسرائيل المنطقة الحدودية المقابلة لمارون الراس منطقة عسكرية مغلقة.
ومن مدينة صور (85 كلم جنوب بيروت)، انطلقت عشرات الحافلات محملة بالاف الاشخاص من سكان المخيمات الفلسطينية في المدينة، من رجال ونساء واطفال. وحملت الباصات اسماء قرى فلسطينية هجرها اهلها منذ العام 1948 وفي مراحل لاحقة من الصراع مع اسرائيل، وبينها بيت لحم، وحيفا، ولوبيه، وام الفحم وغيرها.
وارتفعت لافتة كبيرة على طريق صور الساحلية كتب عليها “42 كيلومترا نحو فلسطين”.
وقال احد المنظمين اياد ابو العينين من مخيم الرشيدية ان “هدف المسيرة تذكير الاجيال الجديدة التي ولدت لاجئة خارج الوطن، بان هناك اراضي لاهلنا واجدادنا سلبها اليهود وهجرونا منها ويجب استعادتها”.
واضاف “كما انها رسالة الى العالم الغربي، لا سيما الاميركي، الذي ينادي بالديموقراطية والحرية، لينظر الينا. نحن نريد العودة وتنفيذ القرار 194” الصادر عن الجمعية العمومية للامم المتحدة والذي ينص على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ارضهم.
ولاحظ صحافي في وكالة فرانس برس ان الحافلات لم تحمل صور زعماء فلسطينيين او اعلام فصائل، بل اكتفت برفع العلم الفلسطيني.
وكانت شكلت في المخيمات لجان مشتركة لتنظيم مسيرة اليوم المنسقة مع عدد من الدول العربية التي لها حدود مشتركة مع فلسطين ويفترض ان تشهد مسيرات مماثلة نحو الحدود.
ومن داخل الباصات، ارتفعت هتافات “الشعب يريد العودة”.
في مدينة صيدا القريبة، انطلق موكب مماثل من الحافلات بعد اشكال بسيط بسبب كثرة عدد المشاركين وعدم وجود وسائل نقل كافية. الا ان المنظمين ما لبثوا ان امنوا حافلات اضافية.
وقال منظمون لوكالة فرانس برس ان “حزب الله” شارك في تمويل عملية النقل الى الحدود.
كما توجهت مواكب من الحافلات المحملة بالفلسطينيين من البقاع والشمال.
ويبلغ عدد الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (انروا) التابعة للامم المتحدة في لبنان 400 الف، الا ان مسؤولين لبنانيين يؤكدون ان عددهم الفعلي لا يتجاوز الثلاثمئة الف بسبب انتقال بعضهم الى دول اخرى.
ويعيش اللاجئون الفلسطينيون في 12 مخيما في ظروف انسانية مزرية.
ويتذكر الفلسطينيون في يوم “النكبة” نزوح حوالى 760 الف فلسطيني من فلسطين. وقد انضم اليهم آخرون في سنوات لاحقة، ويبلغ عدد اللاجئين والمتحدرون منهم
حاليا 4,8 مليون، يتوزعون خصوصا بين الاردن وسوريا ولبنان والاراضي الفلسطينية.
تقدم لبنان عبر بعثته لدى الأمم المتحدة في نيويورك بشكوى لدى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، على خلفية قيام هذه الأخيرة بقتل وجرح عدد من المدنيين المحتشدين في بلدة مارون الراس.
واعتبر لبنان أن هذا “الإعتداء يشكل عملا عدوانيا ويؤكد مجددا على انتهاك إسرائيل للسيادة اللبنانية واستهتارها بقرارات الأمم المتحدة”.
وعليه طالب مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين “والضغط على إسرائيل من أجل حملها على الإقلاع عن سياستها العدوانية والإستفزازية تجاه لبنان وتحميلها مسؤولية قتل المدنيين والإعتداء عليهم”.
وقد دان وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال علي الشامي العمل الإجرامي التي اقترفته إسرائيل عبر استهدافها للمدنيين العزل.
واعتبر أن هذا الإعتداء يؤكد على الطبيعة العدوانية لإسرائيل التي لم تتورع عن الإستعمال المفرط للقوة ضد المدنيين منتهكة بشكل صارخ القوانين والأعراف الدولية لاسيما القانون الدولي الإنساني.
كما قوبلت الممارسات الإسرائيلية بذكرى “نكبة” فلسطين بإدانة لبنانية سياسية واسعة ليس فقط في لبنان بل أيضا في الضفة الغربية والجولان السورية.
بداية، دان رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي تابع مع قائد الجيش العماد جان قهوجي عن كثب تطورات الاوضاع في الجنوب والتدابير والخطوات التي يتخذها، دان ما سماها “الممارسات الاسرائيلية الاجرامية ضد المدنيين المسالمين في جنوب لبنان والجولان وفلسطين”.
ووضع سليمان هذا التصرف برسم المجتمع الدولي “ولا سيما من خلال قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب”.
وتلقى سليمان اتصالا من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثان تناول التطورات الراهنة جنوبا مؤكدا وقوف قطر الى جانب لبنان.
من جهته، رأى رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري أنه “لا يسعنا إلا أن نسجل إدانتنا واستنكارنا الشديدين لإمعان إسرائيل في خرق حقوق الإنسان ومواجهة التحركات السلمية للمواطنين العرب في لبنان والجولان وفلسطين بالقتل والإجرام”.
وبمناسبة يوم “النكبة” لفلسطين شدد اللحريري على أن “لبنان الذي يبقى ملتزما بالقرارات الدولية، وبخاصة القرار 1701، يعتبر قيام إسرائيل بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين على حدودنا الجنوبية هو عدوان سافر وغير مقبول”.
وعليه حمل الحريري “المجتمع الدولي وقوات الأمم المتحدة المنتشرة في الجنوب مسؤولية محاسبة إسرائيل على الجريمة التي أودت بأرواح 4 شهداء وأصابت العشرات، جراء إطلاق النار بوحشية عليهم”.
وفي السياق عينه رأى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة أن “العدوان الاسرائيلي المتمادي على لبنان يؤكد مرة جديدة أن هذا العدو لا يمكن أن يعيش ويستمر على أرض فلسطين الا بالقتل والتهجير وتهديد المحيط. كما أنه يؤكد، بما لا يقبل الشك، أن وهم الاطمئنان اليه ليس سوى سرابا يغلف غدره”.
وإذ ناشد “الأخوة الفلسطينيين تعزيز مصالحتهم في مواجهة المؤامرة على القضية الفلسطينية” رأى أنه يجب أن يتحفزوا اللبنانيين “على التنبه الى الخطر الاسرائيلي المستمر على لبنان وتدفعهم الى تقديم الوحدة الوطنية على ما عداها من قضايا، أيا تكن درجة أهميتها”.
أما حزب الله فدان “الهمجية الإسرائيلية التي تمثلت بتعمد قتل المحتجين السلميين من خلال توجيه الرصاص إلى رؤوسهم وصدورهم، وهذا ليس أسلوبا غريبا على الصهاينة الذين اعتادوا على سفك الدم العربي الطاهر دون أي خوف من مساءلة أو عقاب”.
وشدد على أن “ما جرى اليوم من جرائم دموية فظيعة ارتكبتها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته حيال هذا الموضوع”.
كما دان تيار المستقبل، في بيان بعد ظهر الأحد “الاعتداءات الإسرائيلية على التظاهرة السلمية في جنوب لبنان والتي سقط فيها شهداء عدة وعشرات الجرحى، وحمل الحكومة الاسرائيلية مسؤولية الاعتداء على المتظاهرين”.
ورأى التيار أن “ما حصل هو انتهاك للسيادة اللبنانية واعتداء مباشر عليها من خلال اطلاق النار على الاراضي اللبنانية” داعيا المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته إزاء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة”.
وشدد على “وجوب قيام المجتمع الدولي بالإجراءات اللازمة لإجبار إسرائيل على احترام القرار 1701، فضلا عن توفير الوسائل الضرورية لقوات الطوارىء الدولية العاملة في جنوب لبنان اليونيفل للقيام بمهامها لضمان الهدوء عند الخط الأزرق الفاصل مع الاراضي الفلسطينية المحتلة”.
هذا واعتبر مسؤول الجماعة الاسلامية السياسي في الجنوب بسام حمود، في تصريح، ان “كل مفردات الشجب والاستنكار والادانة لا تكفي امام المجزرة الصهيونية التي حصلت اليوم في مارون الراس وفلسطين والجولان بحق المدنيين العزل المشاركين بمسيرة العودة”.
وشدد على ضرورة عدم الاكتفاء بالشجب والادانة بل “مطالبة مؤسسات المجتمع الدولي الى التحرك وخاصة المدعي العام للمحكمة الجنائية لاصدار مذكرات جلب وتوقيف بحق رئيس وزراء العدو وقائد اركان جيشه بتهمة جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية”.
من جهتها لفتت حركة “أمل” في بيان إلى “أن التصدي الإسرائيلي الوحشي والعدواني، الذي اتسم بالعنف المطلق بمواجهة هذا التحرك الشعبي المدني ليس غريبا على إسرائيل، ولكن الأساس أن الأمور عادت الى نصابها، بتأكيد أن القضية الفلسطينية ستبقى القضية المركزية للعرب الذي بات عليهم اليوم ترتيب أولوياتهم، إنطلاقا من خطوط تماس الجغرافيا والتاريخ مع فلسطين”.
كذلك، دان المكتب السياسي للحزب “الشيوعي اللبناني” الهمجية والوحشية الاسرائيلية ورأى أن “هذا السلوك الدموي والبربري المتمادي من قبل اسرائيل اتجاه الشعب الفلسطيني وقضيته يتم بسبب الدعم العلني والوقح للولايات المتحدة وحلفائها”.
ودعا “المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الانسان الوقوف ولو لمرة واحدة الى جانب الحق والعدالة في مواجهة الجريمة المنظمة”.