المشاكل الأخلاقية التي تعانيها بعض المجتمعات لا يحلها فرض الحجاب، رغم الحاجة الشرعية له، فليس هو سببها ولا به فقط تعم العفة وتنتشر الفضيلة.
ما ان يدخل ذئب غريب منطقة قطيع آخر من الذئاب حتى تبدأ العواء كإنذار مبكر له بانه يقترب من حدود منطقتها. ولقطع الشك باليقين «وعشان لا يقول ما كنت ادري والا محد قالي»، تبدأ برفع اقدامها والتبول حول حماها، ليشم رائحة البول فيعرف ان هذه المنطقة مأخوذة وتحت سيطرة قطيع آخر، فان كان ذلك الذئب «اصمخ» فمن الصعب الا يشم ايضا. هذا التبول ليس نتيجة ان الذئاب كانت محصورة بل هو سلوك «غريزي» لاارادي موجود في الانسان ايضا. فالأعلام على المراكز الحدودية هي بمنزلة اعلان الدولة عن سلطتها وترسيم بداية حدودها. واسوار البيت وحدوده اعلان عن بداية سلطتك عليه وخروجه عن الاملاك العامة. واذا «شبصت» زوجتك بيدك في الشارع «ولزقت» عند مرور امرأة اخرى فهو ايضا بمنزلة اعلان لحدودها.
في لقاء قديم للنائب السابق اسامة مناور في بداية مجلس 2012 المنحل، صرح انه «ربما يقترح تشريع قانون بفرض الحجاب» في معرض رفض المجلس بناء كنيسة جديدة، لا يكاد احد ينكر وجوب الحجاب ولا الغاية الشرعية منه بحفظ الاعراض، ولكن المشكلة تصور ان فرض الحجاب «فقط» هو الريح المستدبرة لكل المشاكل الاخلاقية التي نعانيها، وانه به «فقط» ستعم العفة وتنتشر الفضيلة، وسنرى كل الرجال بحياء ذي النورين، وكل النساء بشرف هند بنت عتبة التي قالت «اوتزني الحرة يا رسول الله!؟». فحل مشكلة «انهيار قيم واخلاق المجتمعات» عند الاخ اسامة، التي يعانيها العالم بأسره وليست مقصورة علينا، ليس بنشر «اخلاق» الحجاب ولا تنمية الفضيلة بالمجتمع وغرس الوازع الديني ليأتي الحجاب معها من تلقاء نفسه انما هو فقط الحجاب!؟
هذا الفكر «المكوكس» تذكرته مع اقتراح بعض النواب بإلغاء قانون فصل الاختلاط. فحل مشكلة التعليم وقلة الشعب الدراسية طريقه عودة الاختلاط، وان به اصلاحا للعملية التعليمية. فالمشكلة ليست بجامعة جديدة لم تبن، ولا بقلة الطاقم الاكاديمي، ولا بقصور المناهج، ولا غياب الاهداف وضعف التأهيل، ولا التمايز بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل. انما هو فقط منع الاختلاط!؟
لو كانوا حقا يرون ان صلاح التعليم بالاختلاط «فالله يرحم حالنا»، ولكن الحقيقة ليست كذلك، ولا تعدو هذه الخطوة سوى رفع رايات جديدة لاعلان سلطة جديدة فقط، فكما كان مناور يريد بكلامه اعلان قوة تياره في المجلس السابق بعد رفض مشروع الكنيسة، يريد هؤلاء ايضا اعلان قوتهم، فالمقترح المقدم من النواب انما هو مقترح «سياسي» لاارادي لإظهار سيطرتهم وان الامور قد آلت اليهم.