الدين هو علاقة الأكف المرفوعة لله. علاقة الصلاة والصوم، علاقة الصدقة التي اليد اليمنى لاتعلم عنها اليسرى، تلك العلاقة الحميمة الرائعة، عبر الوشائج مرئية منها وغير مرئية..الله لا يطلب وسيطا ولا يحتاج لقس ولا مطوع للاعتراف بالخطايا لديه، الدين هو التجرد أمام الله عز جل تجردا لا يراه بشر، بوح الروح قبل الجسد..
الدين هو أجمل منقّ للروح، وهو الذي وهبنا الله إياه، ليس لممارسة الطقوس ولبس ثياب معبرة، علاقتنا الخاصة بالله عز وجل لا دخل لأحد بها، هو يرانا وإن كنا لا نراه، يرى قلوبنا وما في نياتنا، هذا ما يجلب الإيمان أن الله يحبنا كثيرا، وعندما يصيبنا عارض ألم صحيا كان أو اجتماعيا ينجدنا سبحانه وتعالى، ويكتب لنا حسنات.
أظن يشاركني كثيرون عدم الإيمان ببعض من يتجرأون على الفتيا، والذين تتغير فتواهم حسب نظرتهم الخاصة أو الظرف السياسي والاجتماعي، رغم أنه يقال (خلها برقبة عالم واطلع منها سالم)، لكننا لا نحتاج لرقبته، قد يقال لماذا؟
ببساطة الله منحنا مخا وعقلا، وأعطانا رغبة البحث والتقصي هذا الذي يجعل عظمته تبرز لنا بقوة مع كل بحث.. مع كل ذرة رمل ونبتة ساق وتفتح زهرة.
يبدو الكلام عن مبطلات الصلاة ومبطلات الصوم مكررا كل سنة وكأن الناس لازالت لا تقرأ ولا تكتب، نفس الأسئلة السخيفة في أيام رمضان، وخاصة ما يحدث في آخر لحظات ما قبل الإمساك، والتي تبيح الحديث عن العلاقات الحميمة وتنشرها على الملأ، يعني يتركون الوقت بطوله وعرضه، وينتظرون آخر لحظة..
الدين أسمى من نواقض الوضوء أو نواقض الصيام، الفساد وأكل اموال السحت، العدالة، رصد التلاعب بأرزاق الناس.
الإسلام يركز على وحدة المسلمين وتعاضدهم، ولا يحق لكأن من كان أن يكفر مسلما، وقد قالها الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم (من كفّر مسلماً فهو كافر)أو كما قال..
إن الدين لله عز وجل ويكفي أننا جميعا مسلمون في هذا الوطن
كم يبدو مكروها وممجوجا الكلام عن الشيعة والسنة، تلك المحطات الطائفية.. من الطرفين.. سكتنا عما تعمله إسرائيل ومسكنا في بعضنا. وما تفرزه من سموم كثيرة يكفي نصفها لنسف العلاقات بيننا كمواطنين، كما أن تقسيمنا إلى ملتزم وعلماني، ومن ثم تتشعب.
أحب دروس الدين، أو بالأحرى المناقشة بالدين، خاصة من اللواتي يبدين تدينا حقيقيا لا دين التزمت، هن يتحجبن، ويحمدن الله على نعمه، يعلمن الحقوق والواجبات، يحرصن على النقاء، قد يحرّمن أشياء لكن بطريقة مقنعة.. يؤمنّ بالحياة وبالسعادة، يسمحن بالمناقشة بلا حساسية. يبينّ لنا كيف أن السلام سنة ورده واجب، وكيف أن الابتسامة صدقة.. وأن هناك أجراً حتى في الممارسات الحياتية العادية..
وها هو رمضان يأتي، هناك فرق واضح، بالمقابل هناك رغبة قوية لدى أعداد تتزايد، للحب والتعايش ليس من أجل التعايش فقط وإنما من أجل البقاء والحب في الله والوطن وبناء حياة مستقرة..
رمضان الشهر الجميل حيث أنواره تملأ القوب قبل الأبصار، ذلك هو رمضان الذي نريده.. يجمع ولا يفرق، رمضان يعيد الحسابات ويعيدها للعقل والمنطق..