وبدا واضحا للمراقبين في بيروت أن اختلال موازين القوى السورية، لم يعد يسمح لوزراء العماد ميشال عون بردود فعل مؤثرة، هذا الاختلال هو ما حمل العماد عون على عدم المشاركة في احتفالات مار مارون السنوية في «براد» بشمال سورية، والذي يتضمن برنامج المشاركة فيه لضيوف سورية، لقاء مع الرئيس بشار الأسد.
ومع غياب أي موعد جديد لمجلس الوزراء، فلا موازنة عامة ولا تعيينات، ولا قانون انتخابيا، ولا أي أمر آخر ريثما يقتنع المعنيون بأنه ليس هكذا تورد الابل يا عمر.
الرئيس ميقاتي أطل أمس من ملعبه الطرابلسي، حاملا رسائل الى كل من يعنيهم الأمر.
وقال ميقاتي ان تعليق جلسات مجلس الوزراء يقع ضمن الحقوق الدستورية لرئيس الحكومة، خصوصا عندما يكون ثمة نصاب. وأضاف أن هذه الخطوة تهدف الى دفع الجميع للتصرف بمسؤولية واستخدام طاقاتهم بشكل إيجابي، لتسيير شؤون الدولة لا العكس، وان تمسكه بالبلد يملي عليه عدم القبول بالتعطيل بعد الآن، مؤكدا أنه لا اعتكاف ولا استقالة ولا جلسة إلا بإنهاء ممارسات التعطيل.
ميقاتي أضاف: لقد صبرنا طويلا لكن للصبر حدودا، وكلما عقدنا العزم على اتخاذ قرار يصار الى عرقلته بأشكال مختلفة من عدم التوقيع الى التعطيل، واستطرد قائلا: لقد اقترحت عددا من التعيينات، وفق الآلية المحددة، وفوجئت برفضها، وإذا كان مجلس الوزراء سيجتمع دون نتائج، فلا جلسات بعد اليوم.
وردا على سؤال لصحيفة «السفير»، حول محاولة إحداث صدمة لباقي مكونات حكومته، أجاب: لا مانع لدي من هذا الوصف، وأنا أدعو الجميع الى تحمل مسؤولياتهم فمنذ سبتمبر الماضي ننتقل من تأجيل الى تأجيل.
بدوره الوزير جبران باسيل شدد على أن فريقه السياسي لا يقبل أن يسجل بوجوده ان ما يطلبه رئيس الحكومة منزل، ويجب أن يخضع له مجلس الوزراء، خصوصا في مجال التعيينات.
وقال: سنعيد التوازن في مجلس الوزراء، فنحن لا نمس بصلاحية رئيس الحكومة ولا نقبل أن تمس صلاحيتنا.
وقال باسيل ان الرئيس ميقاتي طرح تعيين رئيس الهيئة العليا للتأديب، للمرة الاولى دون التشاور مع أحد، خلافا للاتفاق الذي تم بينه وبين العديد من أطراف الحكومة حول كيفية التعامل مع تعيين الهيئات الرقابية، وإذا كان من صلاحياته طرح الاسم، فمن حقنا أن نرفض أو نوافق، رافضا ما وصفه بالابتزاز.
القشة التي قصمت ظهر البعيد تمثلت في سؤال الرئيس ميقاتي لوزراء التكتل العوني ما اذا كانوا قد أعدوا قبل جلسة الثلاثاء الماضية لتسيير تظاهرة باتجاه السراي الحكومي لكنهم ألغوها بعد القرارات الحكومية الأخيرة، مؤكدا أن هذه القرارات اتخذناها عن قناعتنا بمطالب مشروعة.
ورد باسيل نافيا صحة التوجه الى تسيير تظاهرة الى السراي.
في هذا الوقت بدأ الجو يتحقن شيئا فشيئا، ولم يلبث الصدام ان وقع عند طرح موضوع التعيينات في المراكز المخصصة للمسيحيين، والتي يعتبر العماد عون أن من حقه كرئيس كتلة نيابية ابداء الرأي بها. هنا طلب الوزير باسيل الكلام متمنيا سحب بند التعيينات، فسأله ميقاتي عن المبرر، وما إذا كان لديه اعتراض على الاسماء المطروحة أو على أي منها، فأجاب باسيل بالنفي، عندها عبر ميقاتي عن شعوره بأن هناك محاولة لتعطيل أعمال الحكومة من جانب وزراء الكتلة العونية، وقال: لا يمكنني القبول بذلك، فأنا أتحمل المسؤولية ورئيس الجمهورية انتقد بطء إنتاج الحكومة ويشهد الله أنني لا أعرف أحدا ممن سميتهم في التعيينات، وأنا أتمنى على فخامة الرئيس تعليق الجلسة، ولن أدعو الى جلسة أخرى، أنا لست مستعدا لتحمل وزر التعطيل بعد اليوم.
في هذه الاثناء حاول وزراء الكتلة العونية (10 وزراء) مغادرة القاعة، فطلب رئيس الحكومة منهم العودة من أجل احتساب النصاب.
ميقاتي كان واضحا في موقفه من حيث ان مركز رئيس المجلس التأديبي العام الذي أشعل الخلاف داخل مجلس الوزراء يتبع رئاسة مجلس الوزراء، وقد طلب الوزير باسيل التشاور مع العماد عون، ما جعل الرئيس ميقاتي ينتفض مذكرا باسيل بأن هذا الموقع يدخل ضمن صلاحيات رئيس الحكومة وطلب التشاور يشكل اعتداء على هذه الصلاحيات.