فأين تكمن الحكاية؟
ان نظام الكفيل في دول الخليج يعني ان يكون هناك كفيل محلي للعامل الاجنبي بحيث يتحمل سداد ديونه في حال وجود ديون عليه تمنعه من السفر. إلا ان ما يحصل على ارض الواقع يختلف جذريا عما ينص عليه القانون اذ استطاع الكفيل الخليجي ان يوسّع صلاحيات النظام الى مصادرة جواز سفر العامل ومنعه من السفر الا بإذنه ما يعني انه لا يتحمل سداد ديون اي عامل بل على العكس تماما فإنه يستطيع إجبار العامل على العمل ليس لدفع ديونه المستحقة فقط بل لدفع المال للكفيل المحلي.
كما يحق للكفيل الخليجي كفالة ما طاب له من عمال والذي يتجاوز في بعض الاحيان العشرة مقابل مبلغ مالي يدفعه له العامل سنويا كي يبقى في الدولة الخليجية التي يعتاش منها اذ لا يوجد مادة في النظام تحدد عدد المكفولين وهذا ما يؤمن له معاش يكفي لان تعيش أسرته حياة الرفاهة على حساب العمال الاجانب الذين يعانون الكثير من المظلومية.
زوال الكفالة..وأول الغيث قطر
سبّب نظام الكفالة الكثير من المشكلات لدول الخليج مع المنظمات الدولية اذ دعت هذه المنظمات ومنذ سنوات الى إلغاء نظام الكفيل المعتمد في دول الخليج، والذي يفرض على كل عامل وافد ان يكون له كفيل محلي، معتبرة انه “يضع الموظف تحت رحمة كفيله”.
وفي هذا الاطار، ولتخفيف وطأة الضغوط المتزايدة أعلنت قطر قبل ايام نيتها إلغاء نظام الكفالة المثير للجدل المطبق على المقيمين فيها، إضافة إلى السماح بإقامة هيئة منتخبة مستقلة لحماية حقوق العمال وذلك تحضيرا لاستضافة المونديال على اراضيها عام 2022.
أما السعودية فكانت اعلنت نهاية اذار الماضي اعتزامها إلغاء نظام الكفالة خلال شهور كما سيتم منع احتجاز جواز سفر العامل وإلغاء موافقة الكفيل على استقدام العامل لأسرته.
وسبق للامارات ان قامت بتخفيف القيود على نظام الكفالة منذ عام 2010 فيما صرح وزير الشئون الإجتماعية والعمل الكويتى محمد الفعاسى في منتصف اذار الماضي بأن حكومة بلاده قررت إلغاء نظام الكفيل المعمول به فى البلاد.
وحدها البحرين سبقت كل دول الخليج بإلغاء نظام الكفيل فيها منذ آب 2009 وتحملت حكومة البحرين بالكامل مسؤولية تنظيم العمالة الأجنبية بالمملكة حيث أصدرت لهم تصاريح عمل تجددها كل سنتين.
شاب لبناني ضحية “الكفالة”
قيل ان نظام الكفالة يحول العامل الى شبه سجين اذا اختلف مع هذا الكفيل لأي سبب من الاسباب. مقولة لن تجد أفضل من قصة جو تصديقا وتجسيدا لها.
وصل “جوني” الى قطر منذ 5 سنوات تقريبا للعمل كمصمم أزياء داخل محل حسبما أكد له كفيله القطري من عائلة آل ثاني الذي التقاه في لبنان.
وأخذ الكفيل القطري على عاتقه كل تكاليف السفر والكفالة وتأشيرة الدخول ليُفاجأ “جو” بعد وصوله الى الدوحة بأن الكفيل يود تشغيله في عالم الشذوذ والدعارة فرفض “جو” بشدة الانصياع لكفيله فما كان من الاخير الا بتهديده بإبقائه سجينا في قطر دون ان يستطيع العمل ولا السفر.
أصر “جو” على موقفه ونفّذ الكفيل وعيده وتهديده، فلم يعد بإمكان “جو” العمل داخل قطر بسبب كفيله ولم يستطع المغادرة اذ منعه من إعطاء الموافقة التي يحتاجها اي عامل من كفيله حتى صار جو متسكعا داخل في شوارع الدوحة يفترش الطريق للنوم ويعتاش على صدقات لبنانيين يشفقون عليه هناك. حتى ان السفارة اللبنانية في قطر لم تعر الموضوع اي اهمية. وبقي هذا الشاب على هذا المنوال اكثر من سنتين لتنقطع اخباره بعدها.
اذا نظام الكفالة على طريق الزوال في قطر، وستليها السعودية عاجلا او اجلا وكل دولة خليجية لا تزال تتبع هذا النظام في الكويت وغيرها ليحل محله قوانين اكثر عصرية واكثر عدالة من نظام الاستعباد الذي يدفع العامل الاجنبي ثمنه من كرامته ومن حريته.