هذه النار قد تتحول بردا وسلاما عند بعضهن فتشكل مصدر الهام وخطة لتصويب حياتهن نحو طريق جديد، فتوقظ الرغبات الكامنة في اعماق ذاتهن، ويتحرك في داخلهن صوت يدعوهن الى الانتفاض على روتينهن المعيشي. عندها ستسأل الصديقة نفسها “ما الذي أستطيع فعله لتحسين حياتي العملية، العاطفية، العائلية، شكلي…؟” بدلاً من سؤال: “لماذا هي، وليس أنا؟”.
الغيرة بين الصديقات شعور طبيعي، الا ان قليلات يعترفن به لأنه في نظرهنّ شعور في غاية السلبية. فمن الصعب القول مثلاً: “أنا سعيدة لأجلك، لكنني كنت لأفضله لنفسي”. وبحسب خبراء النفس، أكثر ما تحسد النساء الأخريات عليه مظهرهن الجميل، لأن الأخير مؤشر مهم إلى الشباب والخصوبة. كذلك تفضل المرأة جني دخل أكبر من ذلك الذي تجنيه صديقاتها حيث يتعلّق ذلك الشعور جزئياً بثقافة “نيل كل ما نبتغيه” ولا نستطيع تحمّل فكرة عدم الحصول على ما يملكه الآخرون، إلا أن هذه الغيرة السلبية قد تتحول دافعا وحافزا نحو التقدم.
إجازة جامعية
تستاء بعض الصديقات الغيورات بداية من الأخبار الجيدة لقريناتهن. الا ان القليل من الوقت والكثير من المحبة كفيلتان بأن تصوبان هذا الشعور نحو التغيير الايجابي وقلب قواعد ومفاهيم ثابتة.
موقع اكس خبر أضاء على عينات من القصص الواقعية والتي تحدث في مجتمعاتنا.
قررت تغريد (23 عاماً) استئناف دراستها الجامعية بعد توقف قسري لأكثر من أربع سنوات، فسارعت إلى زف الخبر الى صديقتها ابتسام (21 عاما) المقربة منها لتشاركها في سعادتها الغامرة. الا ان انتقاد صديقتها واختراع الكثير من المساوئ لخطوتها صدمها بشكل لم تتوقعه.
الانتقاد لم يثنها عن عزمها، فبادرت الى تنفيذ رغبتها، الا ان المفاجأة كانت لاحقا، عندما علمت بان صديقتها حذت حذوها متذرعة بأن اتجاهها للدراسة لمجرد التسلية وتعبئة الوقت.
أربع سنوات والصديقتان تجتهدان للحصول على مرادهما، في اختصاصين مختلفين، الى ان كان حفل التخرج فرصة همست فيها ابتسام لصديقتها ممازحة بأن شعورها بالتفوق عليها دراسيا كان الدافع الاساسي للتمثل بها، ولولاها لما وصلت لما هي عليه الآن حيث تغيرت ظروف حياتها إلى الأحسن من الناحية المهنية، وحظت بوظيفة مرموقة جراء شهادتها الجامعية.
زواج بعد العزوف عنه
قد لا يشعر المرء بالحسد تجاه كل شيء، بل تجاه الأمور التي يقيّمها، سواء كانت الحصول على المال، العمل، العلم، الزواج، الحمل، أو فقدان الوزن. وقصة رهام تشهد على ذلك. فرهام وسناء تربطهما صداقة متينة منذ المرحلة الجامعية، وجل أحلامها، نيل شهادة الدكتوراه والعمل لتحقيق ذاتهما اولا، وبالتالي، اتفقتا على العزوف عن الزواج طوال تلك الفترة.
لكن الحب دق قلب رهام على حين غفلة منها وفعل فعله في نفسها حين كانت على أبواب التخرج الجامعي، لتختار الزواج أولا، وتجمّد حلمها لنيل “الدكتوراه” الى حين انجابها طفلها الاول ومن ثم الاقدام على الدراسة عبر “المراسلة” ضمن شبكة الانترنت بسبب ظروفها الحياتية الجديدة.
قرار رهام بتغيير مشروعها المستقبلي صدم “الصديقة”. وشعرت بداية بتعرضها للخيانة. الا ان لمسها عن كثب سعادة الاخيرة وخصوصا بعد انجابها مولودها الاول، أشعلا نار الغيرة في قلبها، فقررت الموافقة على الزواج من قريب لها بعدما رفضته مرارا بذريعة اكمال مبتغاها العلمي.
رشاقة بعد بدانة
لطالما كانت سارة مستهترة برشاقتها فتأكل ما لذ لها وطاب لها من طعام حتى تجاوز وزنها 85 كيلو غرام. تعمل سارة في احدى شركات الهندسة العقارية التابعة لعمها. وما لبثت ان صادقت موظفة هناك تهتم برشاقتها ونظامها الغذائي كثيرا. وكانت الاخيرة تصطحبها معها دوما لشراء الالبسة وتجد قياسها المطلوب بسهولة. فيما سارة “تدوخ” في الدوران عبر الاسواق التجارية لتجد غايتها.
بدأت سارة تشعر بحسرة كلما قارنت نفسها مع صديقتها التي تمشي بخفة وترتدي ما يروقها من الموضة وتسمع عبارت الاطراء من كل حدب وصوب. حسرة لم تقف عند اطلاق احد العابرين المزعجين رقم عشرة عليهما خلال اجتيازهما الطريق.
عندها، لم تمض فترة طويلة حتى بدأت سارة بكبح جماح شهيتها وممارسة التمارين الرياضية يوميا ليصل وزنها الى 55 كيلو غرام خلال بضعة شهور “فأنا لم أتقبل ان يكون مظهر صديقتي أفضل مني، ومن وقتها شعرت بتحسن في صحتي وعلاقاتي مع الناس، واعترف ان غيرتي هي السبب بذلك”.
كيف تقدرين ذاتك؟
كل حواء خلقها الله بصفة تتميز عن الأخرى، لذلك، ينصحها الاطباء النفسيين بـ:
– بتحويل غيرتها بين بنات جنسها الى حافز لتغيير حياتها نحو الأفضل.
– ان تركز البحث على الجوانب الايجابية في حياتها وشخصيتها والعمل على تنميتها وتدعيمها بالخبرات والدراسات.
- تحويل المشاكل والتوترات التي تشتعل في ذهنها إلي طاقة مفيدة من خلال ممارسة رياضة ذهنية أو بدنية.
– ألا تعط نفسها الشعور بأنها ليست جميلة بل على العكس فلتنظر الى نفسها بأنها مميزة.
– ان تتعلم أن قوة شخصيتها تنبع من قوة تفكيرها، والا تنظر بنظرة دونية إلى نفسها.
– ان تضع استراتيجية في حياتها، وتلتزم بتطبيقها.
وأخيرا، ينصحها الخبراء بأن تتذكر بأن الممتلكات لن تضمن لها السعادة. وان تقول لنفسها: “أريد تحقيق ذلك، لكنه لن يجعلني إنسانة أفضل”.