حل العيد ضيفا على الملايين بل ربما المليارات. تزين غالبية الناس للقاء عيد ميلاد المسيح ونشروا اشجار الميلاد في المنازل والطرقات ابتهاجا بقدوم هذه الليلة.
ولكن في المقلب الاخر، وبعيدا عن ضجيج العيد، انزوت بعض الوجوه في منازلها بعد ان عجزت عن تأمين الحد الادنى من مباهج الاحتفال بهذه الليلة.
سيمون د. هو واحد ربما من الاف الفقراء الذين زادهم هذا العيد حزنا. سيمون هو عراقي مسيحي يعيش في لبنان، الا ان الفقر المدقع لم يترك مكانا لعائلته حتى بأن تحلم بهذه الليلة.
فقد حاول سيمون (رب اسرة مكونة من زوجة وابنتان) جاهدا ان يعثر على عمل يكفيه وعائلته مصاريف الحياة، الا انه عجز عن ذلك منذ شهور، ولذلك دأب منذ فترة ان يعتاش على مساعدة الجيران الذين يتصدقون عليه بفضلات طعامهم، وثيابهم البالية او ان يتناول اجرا لقاء تنظيف مداخل المباني وهي مهنة لا تغني ولا تسمن من جوع.
يحكي سيمون بحرقة عن ابنته التي سألته اذا كان بالامكان احضار شجرة ميلاد لها في هذا العيد، فوعدها بأن يحقق رغبتها “ولكن في العيد القادم لانه ليس لدينا اليوم ما نسد به رمقنا، فمن اين استطيع شراء شجرة والاسعار ملتهبة ولا يمكن ان اجد شجرة اقل من 25 دولارا وما بالك بالزينة…؟”.
فالـ25 دولار بالنسبة لسيمون تشكل مصاريف اسبوع بأكمله، فإما ان يشتري الشجرة وتتخلى العائلة عن كل حاجاتها الغذائية والحياتية خلال اسبوع، او عليها انتظار العيد القادم لعله يأتي بجديد، وبالفعل اختارت العائلة الخيار الثاني.
لكن بالطبع لم يبخل سيمون على عائلته بإحضار أحد اصناف الحلويات للاحتفال بهذا العيد، فهو بالطبع سيميز طبقهم هذه الليلة اذ انهم لم يتذوقوه منذ شهور.
ستنقضي هذه الليلة على عائلة سيمون “الراضية” بنصيبها، كما ستمر على الاف العائلات التي لم تجد في هذا العيد سوى محطة لشحن عذاباتها وتذكيرها بمكانتها في عالم العوز والفقر والتشرد.
فلقد وجد سيمون غرفة تأويه مع عائلته، الا ان هناك في هذه الليلة مشردين في الطرقات لا سقف يقيهم البرد، وهناك اطفال أيتمتهم احداث المنطقة او العالم، وهناك عجائز منسيون في دورالعجزة لا اولاد يسألون عنهم، وهناك.. وهناك.. ولكن عسى ان يطل العيد القادم بمزيد من الفرح، وكثير من العطاء.