حمص والتحول الكبير

 إكس خبر- بعد معارك القصير الخاسرة منيت الجماعات المسلحة في سوريا بكارثة انهيارات الغوطة والقلمون ويتوج المشهد بخروج ما تبقى من المسلحين من أحياء حمص القديمة في سياق مواجهة استخدمت خلالها الدولة الوطنية ذراعي الحسم القتالي الميداني واستراتيجية المصالحات الوطنية وتسهيل إلقاء السلاح وتراجع المتورطين عبر توظيف الجهود الأهلية في البناء على سلسلة قرارات العفو.

 

اولا اكتسبت معارك حمص قيمة عالية في مسار الحرب التي تستهدف الدولة الوطنية السورية منذ ثلاث سنوات وقد انعقد رهان حكومات الناتو بقيادة الولايات المتحدة على اعتبار المدينة عقدة الوسط السوري التي يشدون منها الخناق على دمشق ويقطعون الأوصال السورية وبالتالي ومن غير أي جدل سيعني استرجاع سيطرة الدولة الوطنية وقواتها المسلحة في المدينة بكاملها نقطة تحول نوعية وحاسمة في مسار الأحداث وهو إنجاز كبير ونوعي يستحق التنويه لمعانيه ونتائجه العسكرية والسياسية والاقتصادية وبفعل انعكاسه على توازن القوى وتأثيره القوي في الفصول اللاحقة من المسيرة الوطنية السورية لتحرير الأرض من جماعات التكفير الإرهابية وعلى صعيد تقديم الدولة لنموذجها الخاص في ترميم البنى الاجتماعية والعمرانية وقيادة التعافي السوري الوطني من آثار العدوان.

 

مبكرا اعتبرت المعارضات المفككة والمتذابحة ان حمص هي عاصمة ثورتها وبالتالي فما الذي يفرض تخليها عن تلك العاصمة ولم يتقاذف المسلحون الاتهامات بالتخاذل ولم تتزايد الأسئلة عن تبدد مليارات الدولارات التي سلبها واختلسها امراء الحرب ومقاولو المعارضات المأمورة والمستعبدة؟

 

يعرف القاصي والداني ان مركزية المعركة العالمية على حمص ظهرت منذ واقعة بابا عمرو الحي الذي تواجدت فيه مخابرات الغرب وفرنسا خصوصا ومرتزقة الخليج والوهم العثماني وهي حالة مستمرة حتى الأمس بينما كانت الدولة الوطنية وقواتها المسلحة تعمل بهدوء وأناة لمراكمة التغييرات ولتوظيف نتائج معارك الريف الحمصي في تحقيق تقدم متواصل داخل المدينة حتى إطباق الحصار على الأحياء القديمة.

 

ثانيا   تتكشف مجددا طبيعة البنى الهامشية الرثة والبربرية للجماعات المسلحة التي تعتمر قبعة الائتلاف وتتبع فتاوى شيوخ التكفير من خلال ما اقترف من جرائم ضد معالم المدينة حتى اللحظة الأخيرة بإحراق كنيسة سيدة الزنار مجددا ويبدو خليط الرعاع والتكفيريين مفضوحا في تكوينه المناسب لمشروع الديمقراطية الغربية السعودية العثمانية في سوريا!

 

أي مهزلة بل أي فضيحة ينبيء عنها التبني الغربي لهذا الخليط الدموي الذي يضم مجموعات تفوق طاقة العد والإحصاء لدرجة ان مشغليها يبدلون في أرقامهم وبياناتهم عشرات المرات وتحار مراكز الدراسات في تناسل الكتائب والألوية وتعدد يافطاتها وحروبها ومفتيها وهي لا تتوحد سوى في مصادر تمويلها وتسليحها الأطلسية التركية الخليجية ، هذه الجماعات التي تنتشر على الأرض السورية بكل ما تحمل من بشاعات البربرية الغاشمة تواجه دولة وطنية حديثة وجيشا حديثا يطوع آخر التقنيات العسكرية العالمية ويطور منتجاتها كما يطور في أساليبه القتالية وهيكليات تشكيلاته العسكرية بمراكمة خبرات غير مسبوقة في العالم وبالشراكة مع المقاومة التي أذلت احدث ترسانة غربية في المنطقة وسحقت الغطرسة الصهيونية.

 

تبرز أهمية الفطنة السياسية التي لاقت بها الدولة الوطنية تحولات الموقف الشعبي الناتج عن اليقظة الوطنية والوعي لما يستهدف سوريا وسلوك الدولة لطريق المصالحات وتسهيلها لعمليات إلقاء السلاح يلاقي الإنجازات الميدانية الحاسمة التي تحققها وحدات الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني وفصائل المقاومة الشريكة في التصدي للعدوان الكوني وهو يبني على تلك الإنجازات ونتائجها المعنوية والسياسية بإبداع يستحق الاحترام لهذا الطريق السوري إلى الحل كما وصفه الرئيس الأسد يوم أمس.

 

ثالثا  معركة التكفير والتمرد في سوريا باتت يائسة ومحكوم عليها بالهزيمة والعدوان الاستعماري إلى انكسار فسوريا تشق طريقها إلى الانتصار والنهوض بوسائلها وبخصوصيات تجربتها التي ليست بعيدة عن خبرات شعوب اخرى في تفكيك ادوات العدوان واحتواء أبناء الشعب الذين ضللهم المستعمرون بدعايتهم الكاذبة كما حصل في الصين وفيتنام وكوبا ونيكاراغوا ويبدو واضحا ان التناحر بين الجماعات المسلحة سوف يتصاعد بسبب خصوصيتها التكوينية التي تضم خليطا من اللصوص وقطاع الطرق والمهمشين والتكفيريين الأجانب الذين تشكلوا في مئات الجماعات واليافطات يقودهم امراء الحرب ولا مجال للمقارنة عند السوريين العاديين بين العيش تحت سلطة الدولة الوطنية واختبار محنة العيش في إمارات الحرب المتخلفة والجاهلية اللصوصية.

 

 الدولة السورية تسهل على أبنائها المتورطين التراجع وتنجح في تعرية الإرهابيين الوافدين الذين أرسلوا لتدمير البلد وهي تستنفر جميع الفاعليات الشعبية في المجتمع للمساعدة في ذلك وتعزيز خط المصالحات التي اكتسبت المصداقية من تجاربها الأولى في ريف دمشق وبعض احياء العاصمة الطرفية وإنجاز حمص هو قمة تتويج لهذا المسار وستكون له انعكاساته في سائر المناطق السورية وخصوصا في حلب وريفها ودرعا وريفها حيث سيكتمل قوس التحول الكبير في الفترة المقبلة قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها ومن ثم في دير الزور والرقة وصولا إلى الأجل الذي توقعه الرئيس بشار الأسد بحسابه العلمي الواقعي مع نهاية السنة التي ستشهد استرجاع الأمان إلى غالبية الأنحاء السورية لتستمر مسيرة الدولة ومؤسساتها في مكافحة فلول الإرهاب وتفكيك بؤره المدعومة عبر الحدود وخصوصا من إسرائيل والأردن وتركيا ما سيفرض عاجلا ام آجلا التسليم الأميركي بالهزيمة وبإلزامية تفكيك منصات العدوان العميلة في المنطقة حيث يرتد الكيد إلى نحور المتآمرين الذين باتت مؤتمراتهم لمكافحة ارتداد الإرهاب والتكفير الذي صنعوه ودعموه مع تنظيم الأخوان أشبه باجتماع المرضى بالطاعون.

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *