إكس خبر- بسرعة فاقت كل تصوُّر، تخطّت دولة تنظيم “داعش” المزعومة في المنطقة حدودها المعلَنة، وأسقطت من عنوانها العراق والشام؛ إيذاناً بتوسيع أهدافها، وبقدرة قادر أُعيد بعث “الخلافة الإسلامية” متوَّجة بأبي بكر البغدادي، ليفرض سؤال كبير نفسه: كيف لبضع آلاف من رجال التنظيم أن يستطيعوا وصل بلدان في المنطقة وإلغاء الحدود بينها، بدءاً بـ”إماراتهم” التي أقاموها في الشمال السوري، وصولاً إلى غزوتهم الأخيرة في الموصل والمناطق العراقية الأخرى؟ وكيف استطاع هؤلاء التربُّع على امبراطورية مالية توازي دولاً بعينها؟
وفق ما يُجمع عليه محللون استراتيجيون، فإن “نفخ” هذا التنظيم وتضخيمه ليصبح قوة “جهادية” لا تضاهَى على مساحة المنطقة، يتم على أيدي أجهزة استخبارات إقليمية ركائزها “الموساد الإسرائيلي” وجهاز الاستخبارات الأميركي، وتدور في فلكهما الاستخبارات السعودية والأردنية، لهدف أوحد: مقارعة إيران و”حزب الله” بعد سورية، حسب ما أشار الخبير الفرنسي في الشؤون العراقية؛ بيار جان لويزا، وليصل اللعب التكفيري إلى ملعب “الحزب” في لبنان، عبر انتحاريين يتمّ توريدهم إليه بعد تجهيزهم في تركيا، بالتزامن مع تحريك خلايا إرهابية بمناطق لبنانية حاضنة.. ويأتي السؤال الأهم: كيف سيتصرف “حزب الله” إزاء الهجمة التكفيرية عليه؟ وما حقيقة رسائله التي وصلت إلى قادة “إسرائيل” عبر الاستخبارات الألمانية ومفادها: “داعش” صنيعتكم، وسنتصرف على هذا الأساس، ونقطة على السطر؟!
وفي وقت انشغلت الأجهزة الأمنية اللبنانية، وتحديداً استخبارات الجيش والأمن العام، برصد وتعقُّب الخلايا الإرهابية التي انتعشت بشكل غير مسبوق عقب الغزوة “الداعشية” في العراق، توقفت الدوائر الأمنية “الإسرائيلية” أمام “طيف حزب الله” الذي رافق تحرُّك تلك الأجهزة، معتبرة أن الحزب دعمها بمعلومات استخبارية “من العيار الثقيل”، أفضت إلى الانقضاض على الانتحاريين في فنادق بيروت بشكل مباغت، وبالتالي نسف أهدافهم التي كانت مرسومة في عمق الضاحية الجنوبية، إلا أن الضربة الأمنية غير المسبوقة – وفق هذه الدوائر – تمثّلت بإحباط هجوم كبير كان من المزمَع أن يستهدف رئيس مجلس النواب في لبنان خلال مشاركته بمؤتمر في بيروت، إلى جانب المدير العام للأمن العام، مشيرة إلى دور منظومة “حزب الله” الأمنية التي أفشلت الهجوم، فيما ذهب محللون عسكريون إلى الإشارة لما سمّوها “المواجهة الاستباقية” التي قام بها الحزب بمؤازرة الجيشيْن اللبناني والسوري في جرود عرسال والقلمون، حيث تمّ رصد أعداد كبيرة من المسلحين الفارّين من جرود رنكوس وقارة ورأس المعرة، تعامَلَ معهم الطيران الحربي وطائرات استطلاع من دون طيار بقصف مركّز أدى إلى سحق العشرات منهم، بينهم المدعو “أبو الحسن التلي”؛ قائد ما يسمى “لواء الغرباء” في “جبهة النصرة”، مع عدد من مرافقيه.
وفي السياق، أفاد تقرير أمني وُصف بـ”الهام جداً” كشفته إحدى الفضائيات المصرية، أن الاستخبارات الأميركية و”الإسرائيلية” تقف وراء نشأة تنظيم “داعش”، بالتعاون مع دول خليجية، مشيرة إلى أن المدعو “أبو بكر البغدادي” كان معتقَلاً لدى القوات الأميركية إبان احتلالها العراق، وأفرجت عنه بطريقة مفاجئة ومريبة عام 2006؛ عقب فشل العدوان “الإسرائيلي” ضد “حزب الله”، وإذ لفتت إلى أن الإفراج عن البغدادي أتى حينها بإيعاز “إسرائيلي” لتسليمه “دوراً أمنياً ما”، أعادت تقارير أمنية التذكير – عقب غزوة “داعش” للموصل – بجولة ديك تشيني؛ نائب الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش آنذاك على بعض الدول الخليجية بعد العدوان مباشرة، حيث أدرجت أهدافها في سياق تسويق حرب سُنّية – شيعية في المنطقة، تكون بديلة عن أي تورُّط “إسرائيلي” بحرب مباشرة ومكلفة مع الحزب. وفي وقت كشف معهد الأبحاث الأميركي “جيت ستون إنستيتيوت” عبر تقرير له أن تنظيم “داعش” سيصل في الفترة القادمة إلى لبنان والأردن وسيناء، أشارت صحيفة “ذا تلغراف” البريطانية، إلى أن الأردن هو وجهة التنظيم الآتية، لافتة في الوقت عينه إلى أن وجود “حزب الله” في لبنان وقدراته الأمنية الكبيرة سيمثّل العائق الأكبر بوجه إمكانية تهديد هؤلاء جدياً لساحته الداخلية.
إنها المواجهة المفتوحة بين “إسرائيل” و”حزب الله” على وقع “الزحف الداعشي” هذه المرة، مخروقة برسائل ذات رؤوس حامية عبرت من طهران إلى من يعنيهم الأمر، على لسان وزير الدفاع حسين دهقان، ورئيس هيئة الأركان حسين فيروز آبادي، ومفادها أن التنظيم العابر للحدود ليس إلا هامشاً أمنياً لـ”إسرائيل”، وبناء عليه فإن الرد الإيراني “الحازم” لن يقتصر على الإرهابيين فحسب، إنما أيضاً على رعاتهم، وفي ذلك أكثر من إشارة إلى ما ينتظر المنطقة من مستجدات ستغيّر المشهد الإقليمي القائم، مرفَقَة بمفاجآت ميدانية “من العيار الثقيل” على الساحة السورية، ستُعيد إحدى الجبهات الاستراتيجية الكبرى إلى حضن الدولة، وفق ما كشف مسؤول أمني ألماني.