جعجع وجّه رسالة “قاسية” الى الحريري

إكس خبر- يجمع اخصام القوات كما حلفائها على اعتبار ان الفريق القواتي بدأ يحسن التحول السياسي انسجاماً مع خياراته التي لا يحيد عنها، فصحيح ان القوات بقيت وحدها خارج حكومة سلام ولم تمنحها الثقة المطلوبة وهي التي لم تعترف بها اصلاً منذ انطلاق المفاوضات الحكومية لتشكلها، إلا ان القوات بخلاف حزب الكتائب الذي رغب بالحكومة فتمثل فيها بثلاثة وزراء وراح يهدد بالانسحاب منها مبرراً لنفسه الأسباب التي جعلته يريد ولا يريد في آن واحد هذه الحكومة، فان معراب حافظت منذ البداية على موقفها الرافض لحكومة لا تتوفر فيها اقل المعايير التي تريدها معراب في هذه المرحلة، وهي التي تعلمت ذات يوم من التجربة القاسية للقانون الأرثوذكسي الذي كان له ارتداداته السلبية على شارعها وعلى صدقيتها المسيحية ان السير بالشيء ونقيضه في آن يخسر في السياسة وانه لا بد بالتالي من الحفاظ على الموقف المبدئي والسياسي، ومن هنا اتت خيارات معراب واضحة في التعاطي مع الحكومة السلامية فالمشاركة بها مرفوضة طالما لم ينسحب حزب الله من سوريا، وبالتالي لا يمكن إعطاء هكذا حكومة الثقة القواتية بحسب القناعة القواتية.
ولعل ملامح التحول السياسي تمثل في الكلمة النوعية للنائب ستريدا جعجع في مجلس النواب والتي شكلت حدثا بحد ذاته فاجأ الأوساط السياسية والرأي العام على رغم اختلاف كلام الصباح لجعجع في مجلس النواب عن كلام المساء للنائب ايلي كيروز، إلا ان الواضح ان كلمة نائب بشري لم تأت من العدم بل عكست كما تقول اوساط مقربة من القوات رغبة قواتية في ايصال رسائل في كل الاتجاهات يمكن قراءتها على النحو التالي:

تدرك القوات وهي الوحيد الباقية خارج الحكومة من الفريق السياسي، انها بحاجة لتحقيق اختراقات في السياسة وان يكون وقع افعالها ومواقفها له صدى، ومن هنا فان قرار «مغازلة» حزب الله من اعلى السلطة فيه ليس بريئاً او عادياً، بل هو اصاب عدة عصافير بحجر واحد. الإصابة الأولى المباشرة هي للرئيس سعد الحريري الذي سار في خياراته الجديدة بغير رضى القوات فدخل الى الحكومة متنازلاً عن معركة مواجهة حزب الله في قتاله في الداخل السوري والذي لم يتضمن البيان الوزاري اي إشارة له، ومن جهة اخرى الى الحريري ايضاً رسالة قاسية ومفادها ان معراب رغم الاختلاف في السياسة فانها قادرة على مد جسور الحوار والتلاقي مع الخصم السياسي في اي وقت خصوصاً ان نقاط التلاقي بين الضاحية ومعراب متوافرة بقوة كما تتوفر نقاط الاختلاف السياسي الكبير، وهذا ما ابرزته الرسالة «العاطفية» لجعجع باتجاه الضاحية والتي ساوت بين شخصيتي السيد والحكيم، فالأول يعيش «تحت سابع ارض» رافضاً التنازل عن قضيته والحكيم اختبر زنزانات تحت الأرض رافضاً التخلي عن قضيته ايضاً.

فالقوات كما ترى المصادر المقربة منها تتابع بترقب مسار عمل حلفائها في الحكومة وتنازلاتهم عن الكثير من المبادىء وبالتالي فان معراب ليست راضية بالمطلق عن اداء الحلفاء، فزعيم المستقبل رغم كل ما قيل ويقال عن مناورة سياسية يقوم بها باتجاه الرابية لتمرير الاستحقاق الرئاسي بما قد لا يأتي لحساب الرابية، فان الواضح كما يتردد ايضاً ان العلاقة بين الرابية والمستقبل قطعت اشواطاً كثيرة وهذا ما ستكشفه الأيام المقبلة، وبالتالي تضيف المصادر فان هذا التقارب بين الرابية والمستقبل يمكن ان يقابله إذا ما اقتضى الأمر تقارب من نوع مختلف مع حارة حريك رغم كل الخصومة السياسية، وبالتالي فان رسالة جعجع ربما لم تأت من العدم انما من منطلق حسابات خاصة تجريها القوات وهي التي خرجت من الحكومة بإرادتها الذاتية ورغبة خاصة من معراب وبالتالي فان خروجها من الحكومة سيكون مكلفاً خصوصاً ان المسيحيين من 8 و14 آذار باتوا يمسكون الملف المسيحي المتعلق بالخدمات الأمر الذي يؤثر على تحرك القوات وصلة اتصاله بالشارع المسيحي، خصوصاً إذا ما ساءت علاقة معراب في مرحلة ما مع المستقبل مما سيقفل عليها الأبواب ويوصدها من جانب الحليف السني والمسيحي خصوصاً ان علاقة القوات بالكتائب معروفة وبالتالي فان حزب الله «والوطن والعائلة» يسعى الى التقرب من المستقبل والى احتلال المواقع السابقة للقوات في 14 آذار، وهذا ما بدا واضحاً في تقارب الحريري والجميل مؤخراً.

يبدو ايضاً تقول المصادر ان معراب في صدد انشاء كيانها الذاتي وحيثيتها المستقلة عن الحلفاء الذين تخلوا عنها في ساعة الحشر السياسي بعدما لم يلتزم احد من الحلفاء بقرار استكمال المعركة على السلاح وعلى مشاركة الحزب في المعركة السورية لينغمس هؤلاء في مشاريعهم الخاصة ووفق الالتزامات السياسية التي منحوها للأطراف الإقليمية. وليس بعيداً عما يتم «طبخه» للمرحلة القادمة فان معراب تقول المصادر تتهيأ لاستحقاق الرئاسة الذي بدا واضحاً من خطاب جعجع في البيال انه قرر خوضه حتى النهاية وانه الرئيس القوي لـ14 آذار، وبالتالي فان الاستعداد للاستحقاق الرئاسي يفترض توفير المناخات الداخلية المؤاتية له بعيداً عن الاستفزازات الداخلية وتوتير الساحة المحلية وبالتالي فان معراب ليست في وارد التراجع عن خلافها السياسي مع الحارة لكنها في صدد تبريد الأجواء وتقليد الآخرين وربما أسوة بالخطوة النوعية التي قطعتها علاقة الرابية بالمستقبل فان لا شيىء مستحيل في السياسة فمن كان يضمن ان يشارك سعد الحريري في اعقاب انعقاد المحكمة الدولية لمحاكمة حزب الله في حكومة جنباً الى جنب مع الحزب، ومن يضمن من سيكون رئيس الجمهورية المقبل في ظل التنافس القوي بين الزعيمين المسيحيين والذي يمكن ان يمر على تسابق سمير جعجع وميشال عون ليأتي رئيس من خارج التوقعات ودائرة المرشحين المحتملين.

يبقى ان الرسالة القواتية بقيت حتى الساعة رسالة صوتية يتردد صداها في كل مكان لكن لا أحد قادر على فهم مضمونها العميق، ومن جهة حزب الله قد يكون «تصفيق» النائب نواف الموسوي معبراً وذات دلالة، لكن ما بين القوات والحارة خلاف تاريخي وعقائدي كبير في السياسة والموقف والاستراتيجيا، وقد تكون المقاومة بحاجة لمثل هذه الرسالة وقد لا تكون في هذه المرحلة الساخنة ، لكن المؤكد ان حزب الله ليس بحاجة لإغضاب الحلفاء وزعزعة تفاهمه الذي سلك اصعب الظروف مع الرابية، وبالتالي فان الحزب لا يمكن ان يكون في الاستحقاق الرئاسي مهما تبدلت الظروف في السياسة الى جانب اي مرشح لا تريده الرابية.

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *