جردة لبنانية مع الإرهاب: الجميع مُستهدَفون

إكس خبر- يواظب البعض على اعتبار أنّ الموجة الإرهابية التي يشهدها لبنان، إنّما تأتي على خلفية مشاركته في الحرب على سوريا. ومع أنّ هذا الكلام يأتي في إطار الشعارات السياسية وليس ثمّة ما يسنده في المنطق وفي «تاريخ» الجماعات المتطرّفة في لبنان، تأتي الأحداث المتسارعة لتكشف أنّ هذا «الإرهاب» يستهدف عموماً كلّ مواقع القوّة في لبنان، وأبرزُها الجيش والمقاومة.

جردة حساب سريعة للأعمال الارهابية التي طاولت الدولة ومن خلفِها اللبنانيين جميعاً، تعيدنا عشرين عاماً إلى الوراء. أوّل عملية إرهابية نفّذها متطرّفون ينتمون الى الفكر الوهابي بعد اتّفاق الطائف كانت اغتيال رئيس جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية الشيخ نزار الحلبي عام 1994، وكان ذلك تحدّياً سافراً لهيبة الدولة الوليدة بعد الحرب الأهلية.

المواجهة مع الدولة استمرّت على رغم القبض على قتلة الحلبي وتنفيذ حكم الإعدام بهم. عام 1999 اغتيل القضاة الأربعة في صيدا، في عملية «جريئة» استهدفت قصر العدل، وفرّ على اثرها الجناة واختفوا. وفي أواخر العام 99 وبداية العام 2000 وقعت أحداث «جرود الضنّية» بين الجيش اللبناني والجماعات المسلّحة، سقط على اثرها عدد من الشهداء العسكريّين وقُتل الضابط الشهيد ميلاد الندّاف بطريقة بشعة.

وفي العام 2004 تعقّبت وزارة الداخلية شبكة متطرّفة في «مجدل عنجر» بقيادة اسماعيل الخطيب الذي توفّي في المعتقل بعد أن اعترف بالتخطيط لتفجير السفارة الايطالية في بيروت. وفي العام نفسه تكاثرت «هجرة» الجهاديّين الفلسطينيين واللبنانيين الى العراق حيث قاتلوا هناك وقُتل بعضهم في تفجيرات انتحارية ايضاً، وعاد بعضهم الى لبنان وتوزّعوا على المخيّمات الفلسطينية وبعض المناطق اللبنانية.

وفي العام 2007 كانت عملية «عين علق» التي استُهدف فيها مدنيّون وعسكريّون يستقلّون باصاً مدنيّاً، وفي العام نفسه ذُبح الجنود والضبّاط في مهاجعهم في الشمال، واندلعت معركة «نهر البارد» وسقط فيها مئات الشهداء والجرحى من الجيش اللبناني. وبعدها جاء اغتيال اللواء الشهيد فرنسوا الحاج، ليفتتح مساراً مختلفاً في النزاع مع الإرهاب، وارتفعت موجة استهداف «الفانات» التي تقلّ عسكريّين في الشمال، وجُرح واستُشهد عدد منهم.

هذه الوقائع ربّما تنعش الذاكرة، وتضيء على جوانب متعدّدة من عمل وتاريخ المجموعات الإرهابية في لبنان، والتركيز عليها يسعفنا أيضاً في فهم طبيعة الاغتيالات التي جرت منذ أواخر العام 2004، وكيف جرت التعمية على كلّ ذلك بالاتّهام السياسي والشعارات التي تشبه شعارات اليوم وتقرب منها.

الموجة الأخيرة التي استهدفت السفارة الإيرانية ومواقع قريبة من حزب الله، جزء من تاريخ طويل يبدو أنّه مستمرّ. والمبرّرات التي يسوقها البعض تشوّش الرأي العام وتزيد الانقسام بين اللبنانيين وتمنح الإرهابيين «شرعية» مباشرة أو مداورة. الأمر الذي أفضى الى انكشاف سياسي وأمنيّ وصل إلى حدود استهداف الجيش اللبناني مباشرةً، وممارسة أقصى أنواع التحدّي للدولة ومؤسّساتها وأجهزتها الأمنية.

حتى محاولة الاجتهاد والقول إنّ استهداف الجيش يهدف إلى «إزاحته» وجعلِ المواجهة مباشرةً مع حزب الله يصبّ في اطار التبريرات التي يستفيد منها الإرهابيّون ومَن يقف خلفهم.

الإرهاب يضرب من مصر إلى اليمن والعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان. وهو لا يبحث عن ذرائع ومبرّرات، إنّما يخضع لأجندات متطرّفة وأُخرى سياسية واستخباراتية. ومن الواضح أنّه أصبح هاجساً مقلقاً على المستوى الدولي والإقليمي، بحيث تتشكّل جبهة لمواجهته من الأنبار إلى موسكو.

وفي لبنان من لا زال يردّد الكلام الببّغائي نفسه، وينسى أنّه قد يكون مستهدفاً في المرّة المقبلة. ألم يعلن الرئيس سعد الحريري في خطاب 14 شباط الفائت الحرب على «داعش» و «جبهة النصرة»؟؟
غسان جواد

 

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *