تواصل جبهة النصرة منافستها للنظام في سوريا في تهجير السوريين، لتكتب قصة مأساة جديدة، ضحاياها 5 عائلات سورية معارضة للنظام.
فلم يستطع انتماء تلك العائلات للطائفة السنية ومعارضتهم للنظام أن يحميهم من بطش الجبهة التي أجبرتهم في ليل حالك، على الرحيل تاركين وراءهم أرزاقا رووها بعرق الجبين، لتصبح “حلالا” على مقاتلي “النصرة” بحجة محاربة النظام.
يقول أبو خالد “منذ اندلاع الثورة وقفت مع إخوتي الأربعة ضد النظام، إذ استبشرنا خيرا بقرب رحيله لإنهاء حقبة من الظلم طالت الجميع ولم يسلم منها إلا أعوان النظام وعملائه”.
شاركت العائلات الخمسة (أبو خالد، وإخوته المتزوجين) في التظاهرات التي خرجت منددة بالرئيس بشار الأسد، كما هللت العائلات “لانتصارات الجماعات المسلحة” التي كانت “تزفها” وسائل إعلام داعمة للمعارضة.
يُتابع أبو خالد “رسمنا في أذهاننا صورا جميلة عن المقاتلين. فهم كانوا بنظرنا حماة للشعب، يبذلون دمائهم لحمايتنا، لكن المفاجأة كانت، أنهم استباحوا دماءنا وممتلكاتنا وأعراضنا بحجة محاربة النظام”.
ويتذكّر أبو خالد، ليلة دخول مسلحي جبهة النصرة إلى منازل العائلة، حيث سلبوهم ١٦ بقرة، وباصين، بالإضافة الى المنازل الخمسة التي تأويهم، وطلبوا من سكانها إخلائها فورا وعدم حمل أي شيء معهم.
أراد أبو خالد إستعطافهم فقال لهم “نحن من الطائفة السُّنية، ومعادون للنظام، وداعمين لكم، فكيف تفعلون بنا ذلك؟”. فجاءه الرد “أخرجوا سالمين قبل أن نقتلكم، واعلموا أن هذه الممتلكات نحتاج إليها في محاربة النظام لإسقاطه”.
حمل الآباء أطفالهم وساروا بهم في ظلام الليل الحالك، خرج بعضهم حافي القدمين بعد أن تعذّر عليه إيجاد حذائه في المهلة المعطاة لهم (وهي دقائق)، ولم يحملوا معهم أي مبلغ مالي ولو زهيد، ليُساعدهم في دفع أجرة النقل، فقطعوا المسافة الفاصلة بين قريتهم ولبنان سيرا على الأقدام “حتى بقينا ٢٠ يوما نحاول انتزاع الشوك الذي اعترض طريقنا، من أقدامنا” كما يقول أبو خالد.
وصلت العائلة إلى الهرمل، وهنا بدأت البحث عن لقمة عيش تقيهم ذل التسول.
فأبو خالد وأحد أخويه يعملان اليوم لدى مزارع في إحدى قرى قضاء الهرمل، فيما الأخوة الآخرون استطاعوا تأمين عمل في قرية مجاورة.
جُل أماني العائلة اليوم هي العودة الى الديار، وانتصار النظام على المسلحين. يقول أبو خالد “إذا فعل المسلحون بنا ذلك قبل وصولهم الى الحكم، فماذا سيكون مصيرنا إذا حكموا هم البلاد؟”.
يُدرك أبو خالد أن الأبقار خسروها نهائيا، وكذلك الباصات لكنهم يُعزّون أنفسهم بأن يجدوا عند عودتهم سقفا يأويهم رغم تخوّفهم من إقدام المسلحين على هدم المنازل أو انتزاع أبوابها ونوافذها لبيعها في أسواق الخردة.