تونس تشهد أول انتخابات نزيهة بعد ثورة البوعزيزي وسط إقبال كثيف

في اول انتخابات تشريعية لدول الربيع العربي، واول انتخابات حرة بعد سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي، اندفع التونسيون بشكل غير مسبوق الى صناديق الاقتراع لاختيار المجلس التأسيسي المؤقت والمكلف بصياغة دستور جديد للبلاد.

واعلن كمال الجندوبي رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ان اقبال التونسيين على انتخابات المجلس التأسيسي «فاق كل التوقعات التي كنا نتصورها».

وتوقع في مؤتمر صحافي عقده امس ان تفوق نسبة المشاركة 70%، والنتائج تعلن الثلاثاء.

واكد في مستهل المؤتمر الصحافي «نحن في حالة استنفار وفرحة» بمناسبة هذه الانتخابات التاريخية الحرة في تونس.

واشار الجندوبي الى رصد بعض التجاوزات موجها نداء الى مواطنيه للتجند من اجل «الانجاز العظيم: اول انتخابات ديموقراطية وشفافة وتعددية تتم تحت انظار العالم».

واوضح «مع الاسف سجلنا بعض التجاوزات. بعض القوائم ما زالت تواصل حملتها الانتخابية ولم تلتزم بالصمت الانتخابي» بعد اختتام الحملة الانتخابية منتصف ليل الجمعة الماضية.

من جانب آخر، قال الجندوبي ان عدد الصحافيين الذين غطوا الحدث التاريخي في تونس بلغ 1800 صحافي تونسي واجنبي.

وفي انحاء تونس امتدت صفوف لمئات الامتار خارج مراكز الاقتراع من الصباح الباكر للادلاء بأصواتهم في انتخابات قد تضع معيارا لدول الشرق الاوسط الاخرى التي تشهد انتفاضات الربيع العربي.

ولم تشهد تونس مثل هذا المستوى من الرغبة في المشاركة في الانتخابات ابان عهد بن علي عندما كان يظهر عدد محدود للغاية فقط لأن المواطنين كانوا يعلمون أن النتيجة محددة سلفا.

والتقط التونسيون الواقفون في الصفوف صورا بهواتفهم المحمولة احتفالا بهذه المناسبة.

وقالت كريمة بن سالم (45 عاما) عند مركز اقتراع في منطقة لافاييت بوسط تونس «هذه أول مرة أدلي فيها بصوتي، طلبت من الاولاد ان يعدوا الغداء لانفسهم، اليوم انا خارج الخدمة او بالاحرى انا في خدمة بلدي».

وتشكلت صفوف طويلة في سيدي بوزيد مسقط رأس محمد البوعزيزي تلك المدينة الفقيرة التي تعتبر مهد الثورة التونسية.

وقالت سارة ناجي، وهي معلمة بمدرسة ثانوية، «انها المرة الاولى التي ادلي فيها بصوتي. انها المرة الاولى التي اشعر فيها أن صوتي آمن. عانينا كثيرا من التشاؤم والاحباط لكننا الآن نبني حياة جديدة».

والهدف من انتخابات اليوم (امس) هو اختيار مجلس تأسيسي مهمته صياغة دستور جديد ليحل محل ذلك الذي تلاعب به بن علي لترسيخ سلطته وتشكيل حكومة مؤقتة واجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة.

وتظهر أغلب التوقعات ان حزب النهضة لن يحصل على ما يكفي من المقاعد للحصول على أغلبية في المجلس التأسيسي مما سيجبره على الدخول في ائتلاف سيؤدي لتقلص نفوذ الإسلاميين.

وقال المهندس المعماري زايد تيجاني (26 عاما) بعد ادلائه بصوته «لست متفائلا جدا بشأن نتيجة الانتخابات» وكانت سبابته تحمل آثار حبر ازرق يستخدم في مراكز الاقتراع لمنع التصويت اكثر من مرة.

واضاف: بينما كان يصطحب شابة ترتدي قميصا وسروال جينز «اعتقد ان الاسلاميين بوسعهم الفوز، لا اريد ذلك، فهم ربما يحاولون تغيير طريقة حياتي».

ويمكن ان يكون فوز النهضة الاول من نوعه في العالم العربي منذ فوز حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 2006. وكاد الاسلاميون أن يحققوا الفوز في الانتخابات الجزائرية في 1991 وألغاها الجيش مما أشعل صراعا دمويا استمر سنوات.

وتكون لفرص النهضة آثار على الانتخابات البرلمانية المصرية التي من المقرر ان تجرى الشهر المقبل والتي يأمل الاخوان المسلمون أن يحققوا فيها مكاسب قوية.

وستحظى انتخابات تونس بمتابعة ايضا في ليبيا التي تعتزم اجراء انتخابات العام المقبل بعد الانتفاضة التي اطاحت بمعمر القذافي. ومازالت الاحتجاجات العنيفة مستمرة في سورية واليمن في حين بدأت حكومات اخرى عديدة اصلاحات لتجنب حدوث اضطرابات.

راشد الغنوشي يصف الانتخابات بـ «التاريخية» ويتعرض لمضايقات خلال إدلائه بصوته
 
تعرض راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة في تونس لمضايقات أمس بعد أن تجمع عدد محدود من الناس ووجهوا إليه هتافات في اليوم الذي تشهد فيه تونس أول انتخابات حرة لاختيار المجلس التأسيسي الذي سيصيغ الدستور مما يبرز التوترات بين إسلاميين وعلمانيين يقولون إن قيمهم معرضة للخطر.

وأدلى الغنوشي وزوجته وابنته بأصواتهم في حي المنزه 6 بالعاصمة تونس وعندما خرجوا من مركز الاقتراع بدأ بعض المصطفين للإدلاء بأصواتهم يصيحون في وجه الغنوشي.

وقالوا له «ارحل ارحل» ووصفوه بالإرهابي والقاتل وطلبوا منه العودة إلى لندن. وأمضى الغنوشي 22 عاما في لندن قبل العودة لبلده بعد الثورة التونسية.

ولم يرد الغنوشي على ما وجه إليه من نقد. وهو يقول إن حزبه معتدل وإنه سيحترم حقوق المرأة ولن يحاول فرض قيمه على المجتمع. ويقول علمانيون إنهم لا يصدقون كلامه.

وقد وصف الغنوشي انتخابات المجلس الوطني التأسيسي بأنها حدث تاريخي في تاريخ تونس والأمة العربية.

وقال الغنوشي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن «هذا اليوم تاريخي في تاريخ تونس والأمة العربية وليس أدل على ذلك من هذا الصف بطول كيلومتر، وهذا يبشر بكل الخير».

وأضاف: «عمري 70 عاما وهذه المرة الأولى أشارك في الانتخابات، الشعب التونسي واع بجدية العملية الانتخابية، والشعب الذي صنع الثورة حريص على بناء الديموقراطية».

وقال: «استطلاعات الرأي تظهر تقدم النهضة في نوايا التصويت.. الشعب التونسي ارتحل رحلة جماعية إلى النهضة».

ونفى الغنوشي أن يكون هدد بنزول أنصاره إلى الشارع إن لم تحصل النهضة على أغلبية الأصوات، وقال: «مقياس نجاح الانتخابات ليس حصول النهضة على أعلى أصوات بل أن تتم العملية بشكل سليم ونظيف».

وأوضح: «التزوير يكون تزويرا عندما يشهد به المراقبون، وليس عندما تقول النهضة إن التزوير حصل..

نحن سنعترف بالنتيجة إن جرت بنزاهة، وسنهنئ الفائز وسنعتبر أن الشعب التونسي كله فائزا بعد أن أجرى أول انتخابات ديموقراطية في تاريخه.. المهم فوز الديموقراطية».

وأضاف: «حتى من لم ينجح الآن فهناك فرصة أخرى للنجاح (يقصد الانتخابات التشريعية والرئاسية)، والنجاح هذه المرة لمدة سنة واحدة»، حيث ان المجلس التأسيسي سيستمر لمدة عام واحد يقوم خلالها بصياغة الدستور الجديد.

وعن الربيع العربي، قال الغنوشي: «ما حصل في تونس سيحصل في سورية واليمن.. ستسقط كل الأنظمة التي لا تحترم الشعوب.. الشعب التونسي والشعوب العربية مؤهلة لبناء الديموقراطية».

هذا وقد أشارت استطلاعات الرأي إلى أن 20% إلى 30% من المستطلعين كانوا ينوون التصويت للنهضة. وكان الغنوشي قد اضطر للوقوف في مؤخرة صف بطول كيلومتر لانتظار دوره للإدلاء بصوته.

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *