مرض فقر الدم المنجلي هو فقر دم وراثي، شائعٌ جدًا، حيث تصبح خلايا الدم الحمراء على شكل “المنجل” بدلا من مستديرة، وتسدّ الأوعية الدموية الصغيرة مما يؤدّي إلى انخفاض الأوكسيجين في الجسم وإلى آلام حادة وتجلطات والتهابات خطرة. ويُعتبر فقر الدم المنجلي من أشهر أمراض الدم الوراثية الانحلالية التي تسبّب تكسر كريات الدم الحمراء، وهو أكثرها شيوعاً على مستوى العالم بشكل عام وفي دول حوض البحر المتوسط والشرق الأوسط وأفريقيا والهند بشكل خاص.
عوارض هذا المرض كثيرة كالدوار والدوخة عند الوقوف، الغشيان عند السقوط من مكان شبه عالٍ، قصور القلب، قصور كلوي مزمن، ارتفاع ضغط الشريان الرئوي، تضخم وقصور في الطحال، ضعف المناعة، جلطة الدماغ، اعتلال شبكية العين، وأخيرًا الموت.
إلا أنّ هذا المرض المنتشر بكثرة يمكن تجنبه إن كنّا على القدر الكافي من الوعي الطبي، فمن أجل مواجهة هذا المرض الخطير ينبغي أن يكون لدى الاهل وبالتحديد لدى الرجل والمرأة قبل زواجهما الحدّ الأدنى من الثقافة الطبية، بالاضافة إلى أهمية الكشف المبكر. وفي سبيل الاطلاع أكثر على هذا الأمر، تحدثت وسائل اعلامية مع رئيسة مؤسسة جورج نسيم خرياطي الدكتورة ادلات عيناتي خرياطي، هذه المؤسسة التي تعنى بأمراض الدم الوراثية وعلى رأسها مرض فقر الدم المنجلي، بحيث أشارت خرياطي إلى أهمية أن يعرف كلّ من هو مقبل على الزواج أنّ إمكانية إصابة أولاده بمرض فقر الدم المنجلي هي أمرٌ يحدّده الله أولا وهو ثانيا.
وشدّدت خرياطي على وجوب “توعية الأشخاص قبل الزواج لأنّ وجود جينة هذا المرض لدى الأب والأم يعني أنّ احتمال إصابة الأطفال فيه كبيرة”، لافتة إلى أنّ الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان شخصٌ ما حاملا للمنجلي أو لا هي عن طريق إجراء فحص مخبري خاص يسمّى “الترحيل الكهربائي” أو تخطيط الدم لأنّ هذا الفحص يسهّل عملية اكتشاف إن كان الشاب والفتاة يحملان مرض فقر الدم المنجلي وإذا كانت النتيجة إيجابية فينصح بعدم الاقدام على الزواج. ولفتت خرياطي إلى أنّ “هذا الفحص للأسف غير مُلزِم قبل الزواج، ومن هنا أهمية الثقافة الطبية التي تتيح المعرفة للأهل وأيضًا أهمية قيام وزارة الصحة بتعديل الشهادة الصحية قبل الزواج لتشمل هذا الفحص”.
هذا بما يخصّ التوعية والثقافة الطبية، أما في ما يتعلق بالعلاج، فهنا تأتي أهمية الكشف المبكر الذي عملت له مؤسسة جورج خرياطي عبر حملة “أنقذ حياة بنقطة دم”، حيث تمّ فحص أكثر من 10 آلاف طفل حديث الولادة في المستشفيات الحكومية للكشف عن مرض فقر الدم المنجلي، ليظهر عبر الدراسة أنّ 2.1 % من حديثي الولادة في لبنان يحملون الجين المنجلية. وأكدت خرياطي ضرورة “إخضاع كلّ حديثي الولادة لفحص فقر الدم المنجلي لأنّ الاكتشاف المبكر لهذا المرض يساهم بشكل أساسي بإعطاء الطفل فرصة العيش حياة عادية أو على الأقل شبه عادية”، مشيرة إلى أنّ المؤسسة تقدم العلاجات المجانية لكلّ طفل مصاب بهذا المرض، ويجري التعاون مع وزارة الصحة اللبنانية من أجل الوصول إلى علاج جميع الاطفال المصابين بفقر الدم المنجلي.
أخيرًا، إنّ صحة أطفالكم هي بأيديكم بعد إرادة الله، وبالتالي لا يجوز أن تجنوا على أطفال بسبب قلة وعيكم وإدراككم، ومن هنا يجب التركيز على التوعية من قبل المدارس والجامعات والجمعيات وعلى دور وزارة الصحة باقتراح قوانين طبية تحفظ صحة أطفالنا وتحميهم من أمراض يمكن تجنبها.