لم يمارس الإيرانيون سياسة «التقشف» مؤخراً فيما خص التهديدات الأمريكية والغربية لسوريا، على خلفية الهجوم الكيماوي، ولم يظهر المسؤولين الإيرانيون أي زهد في إيصال الرسائل المطلوب إيصالها لمن يعنيهم الأمر، ولذا كانت رسالة مرشد الثورة السيد علي الخامنئي واضحة وصريحة وحازمة، حيث اكد آية الله السيد علي الخامنئي ان التدخلات الاميركية والتهديدات التي تطلقها على سوريا، تعد كارثة تحل على المنطقة بالتأكيد، مشددا على ان الاميركيين اصيبوا بالأضرار جراء تدخلاتهم في العراق وافغانستان، وفي هذه المرة سيلحق بهم الضرر بالتأكيد ايضا.
وبما أن كلام المرشد لا يحتاج عادة الى تأويل أو تفسير أو تعقيب، يمكن اعتبار كافة التصريحات الصادرة عن مسؤولين إيرانيين عسكريين وسياسيين صدى لصوت السيد الخامنئي.
لكن التصريح المنسوب لقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، كان له الأثر الأبرز بين كافة التصريحات الإيرانية، وتم تداوله على نطاق واسع إعلامياً، دون أن يوضح أحد مصدر التصريح ومناسبته سوى ما ورد في جريدة الأخبار اللبنانية من أنه كان حديثاً ضمن اجتماع مغلق تعمد الإيرانيون تسريبه، وفي هذا الشأن يؤكد مصدر اعلامي إيراني، أن الإيرانيون ليسوا بحاجة لتأكيد صحة تصريح الجنرال سليماني أو نفيه، أو توضيح أي تفصيل بشأنه كون الجنرال سليماني لا يملك أي صفة رسمية ضمن منظومة القيادة العسكرية والسياسية الإيرانية الرسمية.
هذا التسريب وعدم الاكتراث «الرسمي» الايراني للنفي أو التأكيد، يمكن فهمه على أنه رسالة غير رسمية، أوصلت بطريقة غير رسمية، لتصل الى «الجهات الرسمية» التي يعنيها الأمر، وقد فعلت فعلها.. وكفى الله المؤمنين شر القتال.
هذا في الظاهر وما بالإمكان متابعته وتحليله من المواقف الايرانية الأخيرة، أما بشأن ما كان يجري خلف الكواليس وفي الغرف «السرية»، فيؤكد مصدر مطلع وموثوق لـ «سلاب نيوز» أن التنسيق بين المقاومة ودمشق وطهران جار على أعلى المستويات إستعداداً لأي طارئ.
ويضيف المصدر أن المواقف الإيرانية المعلنة وعلى الرغم من أنه يمكن اعتبارها تصعيدية، إلا أن الاستعدادات الإيرانية الميدانية في حال حصول العدوان على سوريا ستكون أكثر تصعيداً.
وحول الاتصالات التي جرت بعد تصاعد اللهجة الأميركية وبدء الحديث عن وضع مواعيد وأهداف للعدوان، يقول المصدر أن طهران أبلغت واشنطن عبر طرف ثالث، أنها مستعدة لقطع إمدادات النفط وإغلاق مضيق هرمز في حال تعرضت سوريا لعدوان أمريكي، لكنه يوضح أن طهران لم تحدد ما إذا كان هذا الإجراء مرتبطاً بحجم العدوان، الأمر الذي أدى الى ايقاع الأمريكيين في الحيرة والإرباك واضطرارهم الى التواصل مع «الوسيط» أكثر من مرة محاولين الاستيضاح منه بهذا الخصوص لكنهم فشلوا في الحصول على أي تفسير أو تحديد.
ويكشف المصدر أن الإيرانيين لم يكتفوا بتوجيه رسالة واحدة عبر وسيط واحد، وهم الذين يعرفون أن الأمريكي يحاول استشراف مواقفهم عبر أكثر من «رادار»، خاصة في بيروت، وعليه فقد كانوا قد أودعوا الرسائل في الأماكن المناسبة خاصة تلك المتعلقة بخيار «الحرب» مؤكدين أن لدى ايران والمقاومة وسوريا القدرة على خوض حرب طويلة، وقاسية، ولديهم الجهوزية الكاملة لتحمل تبعاتها، لكن هل يتحمل الأمريكيون ليوم واحد إغلاق الطريق على أسطولهم البحري في الخليج أو ممرات ناقلات النفط؟.
أما الرسالة الثانية فكانت موجهة لمن يتساءل عن موقف المقاومة في حال حصول العدوان، فكان الجواب الإيراني واضحاً «إن ضربتم حلفاءنا سنضرب حلفاءكم، إما نحن مباشرة وإما من خلال حلفائنا الجاهزون لذلك في كل الأحوال».
يتابع المصدر أن تصريح الرئيس الأميركي بالأمس عن اعتبارات يجب الأخذ بها قبل توجيه أي ضربة، كموضوع تدفق النفط وأمن «إسرائيل» مرتبط بشكل وثيق بالرسالة الإيرانية الأخيرة، ويضيف «إن المعلومات تفيد بأن أوباما كان بصدد عقد اجتماع لتحديد ساعة الصفر، لكنه قام بإلغائه وطلب من مستشاريه البدء بالبحث عن إجراءات بديلة، مع إبقاء خيار الضربة على الطاولة ولو مؤجلاً».
كلام المصدر المطلع يؤكده مصدر دبلوماسي لبناني من أن الإيرانيين تبلغوا من الأمريكيين عرضاً حمله سلطان عمان قابوس بن سعيد، ويتضمن وعداً أمريكياً بالضغط على النظام البحريني لدفع الحوار بينه وبين المعارضة الى الأمام مقابل أن يغض الطرف الإيراني النظر عن العدوان على سوريا، وأن الإيرانيين رفضوا مجرد البحث بهذا الإقتراح، مركزين على الطابع البروتوكولي والرسمي للزيارة دون أي تغيير في البرنامج والمواعيد ونقاط المباحثات.
لبنانياً، ومع سريان شائعات عن رفع الجهوزية لدى المقاومة وخصوصاً وحدات الصواريخ ارتباطاً بتطورات الأزمة في سوريا، تؤكد مصادر مقربة من المقاومة، أن لا حاجة للمقاومة لإصدار قرار برفع الجهوزية في أي قطاع، وهي أي المقاومة في حالة جهوزية دائمة على كافة المستويات، والعدو وغيره يعلم تماماً أنها في أقصى درجات الجهوزية، وأنها تنتظر قرارات القيادة للتنفيذ، فكل الخطط موضوعة سلفاً، ولا تحتاج سوى إلى كلمة واحدة لمعرفة أي خطة عليها المباشرة بها.