ونظمت الجماهير المناهضة للنظام انشطتها تحت شعار جمعة «المحاكمة مطلبنا»، حيث جددوا خلالها المطالبة بمحاكمة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ومعاونيه في السلطة لاتهامهم بقتل المتظاهرين سلميا وتعد هذه الجمعة رقم 44 التي ينظمها المناهضون للنظام منذ بداية الاحتجاجات مطلع العام الحالي، وقد تم اختيار شعار هذه الجمعة بعد أن دعت «اللجنة التنظيمية لثورة الشباب الشعبية» الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في بيان لها مؤخرا إلى بدء الإجراءات الفعلية لتقديم رموز النظام اليمني إلى محكمة الجنايات الدولية ومنعهم من السفر وتجميد أرصدتهم.
وعلى وقع هذه المظاهرات تشهد الأوساط اليمنية السياسية والقانونية جدلا واسع النطاق حول موضوع منح الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ومعاونيه في السلطة حصانة من الملاحقة القضائية بموجب أحد بنود المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، وهو الموضوع الذي من المتوقع أن تتم مناقشته وإقراره خلال الأسبوع المقبل باليمن.
ووفقا للمبادرة الخليجية التي وقعتها الأطراف السياسية اليمنية المعنية بالأزمة في العاصمة السعودية الرياض يوم 23 نوفمبر الماضي، فإن الآلية التنفيذية لها تقضي بأن تقدم حكومة الوفاق الوطني اليمنية مشروع قانون إلى مجلس النواب اليمني يمنح الحصانة القانونية والقضائية لرئيس الجمهورية (علي عبدالله صالح) ومن عملوا معه خلال فترة حكمه، على أن يقره مجلس النواب بمن فيه من الأعضاء الممثلين للمعارضة.
وفي هذا الصدد، ذكر مصدر ديبلوماسي يمني رفيع المستوى أن الأسبوع المقبل سيشهد إقرار مشروع قانون بمنح الرئيس حصانة من المساءلة القانونية إزاء جميع القضايا التي يمكن أن تقدم أمام المحكمة الجنائية.
وقال المصدر في تصريح لصحيفة «أخبار اليوم» اليمنية المعارضة إن القانون الذي ستقدمه حكومة الوفاق الوطني إلى مجلس النواب اليمني سيشمل أبناء الرئيس وجميع أركان نظامه بمن فيهم مرتكبو انتهاكات حقوق الإنسان في محافظة تعز وأمانة العاصمة ومحافظات أخرى شهدت أعمال عنف من قبل السلطات ضد المتظاهرين.
وأضاف المصدر أن القانون سيشمل جميع أنواع قضايا الفساد التي مورست طوال حكم الرئيس صالح، وتوقع أن تقدم الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي التزامات غير خطية أو مكتوبة بعدم السماح بملاحقتهم جنائيا من قبل المنظمات الحقوقية والدولية.
وفي سياق الجدل بشأن الحصانة القضائية للرئيس اليمني ومعاونيه، تشير مصادر قانونية إلى أن المحكمة الجنائية الدولية لا يمكنها أن تنظر في ملفات قضايا تتعلق باتهامات للمسؤولين اليمنيين على اعتبار أن اليمن ليست عضوا في نظام تأسيس المحكمة، وبالتالي فالمحكمة ليست جهة اختصاص بالنظر في مثل هذه القضايا.
غير أن مصادر قضائية أخرى تؤكد أن ما وصفته بـ «الجرائم ضد الإنسانية» و«جرائم قتل المتظاهرين سلميا» المرتكبة من قبل النظام باليمن لا يمكن أن تسقط، ولا يجوز الاتفاق على منح مرتكبيها حصانة قضائية، كما أنها تتعلق أيضا بحقوق أولياء الدم (أهالي القتلى).
وفي نفس السياق الذي يعارض منح صالح ومعاونيه حصانة من الملاحقة القضائية، أكد أحد النشطاء السياسيين المناهضين للنظام المحامي عمر الحميري أنه قبل السعي للتصديق على مشروع قانون منح الحصانة يجب إدراك أن هذا القانون يمثل تحديا كبيرا لإرادة «الثورة»، وعرقلة كبرى لمطلب المحاكمة.