في مصر التي أغلقت صناديق الاقتراع فيها بعد 3 أيام من شُحّ الناخبين والبهدلة الإعلامية التي شهدتها البلاد من خلال التجييش الذي لعبه أنصاف الإعلاميين على القنوات الرسمية لحثّ المصريين وبوس أياديهم للنزول والتصويت بكثافة, ليقولوا للعالم الذي ينتقدهم بعد الانقلاب العسكري الأخير بأن نسب التصويت عالية وهذا دليل على وقوف الشعب الى جانبنا وان ما يحدث في بلدنا مجرد حرب اخوانية مدعومة من هنا وهناك.
سقط القناع في مصر مع هذه المهزلة الانتخابية التي لم تحصد نسبة التصويت فيها أكثر من 22% وهي أدنى نسبة منذ ما قبل حكم مبارك الذي كان أستاذا في اللعب بالنتائج وتغيير الصناديق, وما أشبه الأمس باليوم فاليوم أيضا النتيجة محسومة ومعروفة لصالح عبدالفتاح السيسي “قائد الانقلاب” الذي لا يتجرأ الرئيس المؤقت منصور او رئيس اي محكمة ان يقف بوجهه فمن الذي سيكذّب صندوقه ونتيجته؟
كيف لا يأتي السيسي وهو المتحكم الوحيد بالبلاد والإعلام والجيش من الرأس وحتى أخمص القدمين مع سلاح “الكتمان” الذي ينتهجه كأسلوب شبيه بأسلوب مبارك وأزلامه الذي لم يكن يخرج للضوء ولا يلتقي بالجماهير.
وقبل الشروع في الموضوع السوري وكشف نتائج الانتخابات التي لم ستحصل باليومين القادمين هناك, فإن لعبة الأرقام لا بُدّ ان تُكشف هنا قبل ان يقع فيها بعض المواطنين الذين ينساقون بالعاطفة ويعتقد بعض منهم ان كل ما يُقال بالإعلام صحيح ولو على قطع الرقبة, فهذه اللعبة الجديدة التي بدأت في الجزائر قبل شهر تقريبا حين خفّض نظام بوتفليقة نسبة الأصوات التي أتته من 99% كما كان معتادا عند العرب الى 86% في انتخابات 2014 لإضفاء نوع من الديمقراطية بحسب مفهومهم والقول بأن المعارضة موجودة ولكن بنسبة قليلة, فها هي مصر وسوريا ستنتهجان النهج ذاته وتسرقان الفكرة نفسها من خلال ما سُيعلنه إعلام السيسي باليومين القادمين مع بعض التسويق المخفف له حاليا من خلال قول كلمة “نتائج غير رسمية بعد” لتكون النتيجة لصالح السيسي بنسبة تتراوح بين 88 و91% وربما يتجاوزها غرور السيسي وحُبّه للكرسي ليأمر بأن تصبح 97% وهو أمر وارد رغم كل النصائح من بعض المقرّبين له الذين يهمسون له بأن يحترم عقول الناس قليلا ولا يستخفّ بأصوات صباحي.
أما سوريا التي لم يعتد شعبها يوما على كلمة “انتخابات” وعاشوا في غيمة “البيعة” و”الاستفتاء” على نفس الزعيم والوريث دون أي منافس طوال 50 عاما مضت منذ حافظ الأب وحتى بشار الابن وربما الحفيد لاحقا اذا لم تأت هذه الفورة القائمة هناك بأي جديد على الصعيد الأرضي والعسكري, وهو ما ترجمه بحق أنصار بشار الأسد يوم الأربعاء في لبنان من خلال “زحفهم” الى صناديق الاقتراع بالسفارة السورية في لبنان ما أدى لإغلاق الشوارع والطرقات وخلق زحمة سير غير طبيعية في بلد صغير أصلا, هرب إليه أنصار الأسد بحجة أنهم “لاجئون”, فأي لاجئ يهرب من بلده ليأتي ويناصر رئيسه في بلد آخر تحت شعار “نفديك بدمنا” من لبنان؟
نتيجة الانتخابات السورية معروفة حكما وهي التي لا يوجد فيها أي مراقبين ولا يعترف بها 80% من دول العالم رغم وجود اثنين من الكومبارس اللذان ترشحا بوجه الأسد اسميا فقط وليس فعليا وهذه لعبة من ألعاب الفريق الحاكم هناك للتمويه وكسب الوقت مع علمهم وتأكدهم بأن أحدا لن يصدقهم سوى الشعب المنساق بالعاطفة المعروف بها العرب.
الأسد أو لا أحد الأسد أو نحرق البلد, شعارات سيتم تطبيقها دون نيران لأن بشار أمّن الانتصار في الصناديق البلاستيكية مع تطبيق نفس استراتيجية الأرقام في الجزائر ومصر والتي ستودي بالنهاية الى ان ما يفوق عن 80% من شعب سوريا اختاره ليكمل الدرب ويكون القائد المبجّل مجددا.
كيف لا يأتي الأسد رئيسا ونظامه يُشرف على الانتخابات؟ وسفارات سوريا المحكمة منه وأهمها في لبنان تعمل لأجله والموظفون فيها بعثيون حتى الموت والمضحك وضع صورة عملاقة له في غرفة الاقتراع بتلك السفارة نسوا القائمين هناك ان يخفوها بضع ساعات.
أي صدفة تجمع انتخابات بلدين عربيين هما مصر وسوريا معروفة نتائج التصويت فيهما؟ وأي لعبة تُديرها روسيا اليوم لمجرد الانتقام من أمريكا ولو على حساب أكثر من 120 مليون من سكان البلدين؟