ووقع ممثل رئيس الوزراء في تسلم القواعد حسين الاسدي، مع الممثل عن الجيش الاميركي الكولونيل ريتشارد كايزر، على الاوراق، وقال الاسدي داخل القاعة الضخمة التي تزينها الاعلام العراقية والاميركية: «نعلن وبكل فخر للشعب العراقي تسلم آخر قاعدة. اليوم نطوي الصفحة الاخيرة للاحتلال». واشار الى ان «الجنود سيغادرون خلال 72 ساعة، وآخر تواجد في العراق سينتهي قبل 25 ديسمبر».
وقبيل كلمة الاسدي، قام ضابط عراقي برفع علم العراق، ثم تحدث آمر القاعدة العميد الطيار حكيم عبود قائلا «هذا يوم الاحرار والوفاء، ونعاهد على البقاء مخلصين لجيشنا وعراقنا والعمل من اجل وحدته». وألقى عدد من الجنود العراقيين قصائد تناولت «صمود العراق في مواجهة الارهاب».
بلوغ الكويت بسلام
إلى ذلك، تتدفق الآليات العسكرية ضمن موكب طويل من قواعدها السابقة في العراق، حاملة الجنود في مهمة اخيرة عنوانها: بلوغ الكويت بسلام.
وعلى الطريق السريع المؤدي الى الحدود العراقية الكويتية، يحافظ الجنود المتمركزون في آلياتهم التي تحمل عبارة «مضادة للالغام، محمية من الكمائن»، على استنفارهم الكامل.
وتبقى الاضواء مطفأة داخل العربات، فيما تبدو الرؤية محدودة بسبب ضيق النوافذ، وهو امر ينسحب على المساحة المخصصة للجنود انفسهم، يتحركون في مساحة صغيرة جدا ضمن رحلة يزيد من صعوبتها ارتداؤهم للدروع والقبعات المضادة للرصاص والشظايا.
وقال النقيب ماكفرين ماكدونالد «أحافظ على حذري، لأن احتمال التعرض لحادث امر محتمل، الا انني ابقي على حماستي». من جهته، عبر الرقيب ستيفن بوير عن «شعور جيد»، لكنه قال: «كنت اتمنى لو ان الامر (رحلة الانسحاب) حدث في وقت سابق، لأن خسائرنا كانت ستكون اقل».
الكيلومترات الأخيرة
بدوره، توجه المقدم جيسون كاريكو قائد كتيبة الدعم 155 الى جنوده «لقد كتبتم التاريخ، واذا لم تكونوا متأكدين من ذلك اليوم، فستدركون ذلك غدا، كونوا فخورين بما قدمتم».
ثم دعا جنوده الى ألا يتخلوا عن يقظتهم في الكيلومترات الاخيرة قبل بلوغ الكويت، وهي رحلة طولها حوالى 193 كلم. وعند بلوغهم الكويت يتحمس الجنود. ويقول دان ماتا الذي شارك في ثلاث مهمات في العراق منذ 2003 «انتهينا، انه امر رائع».
في السياق، أكدت «واشنطن بوست» أن هناك انقساما بين العراقيين حول الانسحاب، حيث أعرب بعضهم عن سعادته، فيما بدا البعض الآخر متخوفا من إيقاظ القوة التي تحاول زيادة العنف. وقالت الصحيفة: «المخاطر تأكدت من خلال الإجراءات الصارمة التي أحاطت بمراسم الانسحاب، والتي جاءت على نطاق ضيق للغاية».
وأضافت أن الشارات التي دخل بها الضيوف الاحتفال حملت أرقاما للخنادق التي يتعين عليهم دخولها، في حال وقوع هجوم صاروخي، والموعد كان سريا لأشهر.
وشاطرت الصحيفة الرأي «الإندبندنت»، و«الغارديان» البريطانيتان بقولهما إن الثمن الذي تم دفعه في سبيل التخلص من صدام كان غاليا جدا، وأنه رغم الانسحاب إلا أن مخاوف العراقيين تزداد بشأن مستقبل بلدهم.
شبح الحرب الأهلية
إلى ذلك، قال نائب رئيس الوزراء صالح المطلك إنه كان على الولايات المتحدة أن تنفذ انسحابا مسؤولا، مشيرا إلى أن الانسحاب الحالي بهذه الطريقة هو بمنزلة هروب.
وحذر المطلك، في تصريح لراديو سوا، من بوادر اندلاع حرب أهلية، لافتا إلى أن هناك احتمالات تتعلق بتجزئة البلاد، بسبب الطريقة التي أنهى فيها الأميركيون وجودهم. وجدد اتهامه لنوري المالكي باحتكار الصلاحيات الأمنية، رغم محاولات قائمة «العراقية» أن يكون لها دور.