إكس خبر- كما كان مقدراً لها سارت الجلسة الثانية لانتخاب رئيس للجمهورية وفق سيناريو «تطيير» النصاب وبعدما مشى تيار المستقبل رغم كل ما قيل ويقال عن تقاربه مع الرابية مجدداً بترشيح سمير جعجع، ورغم الاتصالات المكثفة التي انطلقت عشية الجلسة النيابية والزيارة التي قام بها الوزيران جبران باسيل والياس بو صعب للقاء الرئيس سعد الحريري والتي لم تسفر تأييداً للعماد عون في معركة الرئاسة بقدر ما جاءت جوجلة وتقييماً موسعاً لتجربة الأشهر الاخيرة ولإيجابيات التقارب الذي حصل بين المستقبل والتيار الوطني الحر، اكثر مما حملت ايجابيات في الملف الرئاسي بدليل تقول مصادر مقربة في «تيار المستقبل» ان الحريري اوفد الأمين العام لتيار المستقبل احمد الحريري للقاء الوزير علي الخليل ليبلغه ان التفاهم بين المستقبل والتيار الوطني الحر لا يشمل الاستحقاق الرئاسي ولم يحصل بعد لأن المعطيات والظروف لا تسمح بذلك بعد، وليطمئن من جهة ثانية رئيس المجلس والنائب وليد جنبلاط بان اي تفاهم لم يحصل وان المستقبل ربما لن يسير بتفاهمات في الموضوع الرئاسي بدون التشاور مع جنبلاط وبري.
الواضح ان المستقبل لا يزال في الموقع الأول الذي بدأت فيه الاتصالات في موضوع الرئاسة الأولى، وموقفه مبني على جملة معطيات واجواء تجعل السير في خيار ميشال عون رئيساً للجمهورية معقداً وصعباً حالياً، فالواضح من جهة ان المناخ الإقليمي للصفقة الرئاسية لم ينضج وان السعودية التي فتحت صفحة جديدة ومختلفة عن الماضي في العلاقة مع زعيم الرابية لم تصل بعد الى تتويج هذه العلاقة وتسييلها في الانتخابات الرئاسية، وان زعيم المستقبل كما هو معروف لا يمكن ان يسير بعكس الخيار السعودي.
من جهة اخرى تؤكد المصادر نفسها ان الحريري يحسبها جيداً، فهو لا يزال بحاجة الى ثورة الأرز في الوقت الراهن والى مسيحيي 14 آذار، وما جرى في الموضوع الحكومي لا ينطبق في كل الأحوال على الملف الرئاسي، وبالتالي فان الخروج من فريق 14 آذار وفك تحالفه به راهناً ليس ممكناً في المدى المنظور، وعلى اقله بدون الخروج بضمانات واثمان سياسية . وبالمحصلة فان الحريري الذي حسم هذه الجلسة ايضاً الى جانب ترشيح سمير جعجع، فانه يبدو غير قادر على زعزعة علاقته بمعراب التي لم تخطىء يوماً مع المستقبل ودفعت في محطات كثيرة من رصيدها المسيحي، كما ان الحريري لا يزال يراهن على عامل الوقت الذي سينتج تسوية يسير فيها الجميع بمن فيهم الرابية وحزب الله ورئيس المجلس والنائب وليد جنبلاط.
وإذا كان زعيم المستقبل تقول مصادر مقربة من التيار الوطني الحر يسعى بالدرجة ألأولى الى نشر الطمأنينة في صفوف حلفائه بعدما مر هؤلاء في أصعب الأوقات قبل ان يحسم الحريري موقفه بعدم تبني ترشيح عون، فانه حريص على عدم زعزعة جسور التواصل التي بنيت مع الفريق الآخر او التيار الوطني الحر، والتي ارست تفاهماً في المواضيع الأمنية والملفات الخلافية، والتي جنى ثمارها المستقبل في الكثير من المحطات.
وتؤكد المصادر ان العلاقة بين التيار الوطني الحر والمستقبل بلغت سقفها الأعلى، وقد وصل التنسيق بين المستقبل وحزب الله الى مرحلة متقدمة في الشق الأمني وانعكس ارتياحاً في البلاد، ولعل المستقبل الذي أنجز مصالحته مع التيار البرتقالي هو الأكثر إحراجاً وهو يسير بين الغام في البيت الداخلي ، خصوصاً انه ليس في صدد خربطة علاقته بمعراب كما من الصعب على الحريري ان يطيح ثورة الأرز التي يمكن ان تنهار جبهتها وتتداعى بسرعة اذا ما سار سعد الحريري في غير ترشيح سمير جعجع . من هنا تقول الاوساط « ان التفاهم بين المستقبل وعون الذي يحظى برضى حلفائه في محادثاته مع المستقبل حدوده الحفاظ على الوضع الحالي وضبط الوضع الداخلي وليس اكثر ، اما الأمور الأخرى المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي فمتروكة للأحداث وما سيقرره الراعي الإقليمي في الكواليس الإقليمية والدولية.
وفي كل الأحوال فالواضح ان ثمة من بدأ يتقبل الوقائع والمعطيات التي جعلت الحريري يسير بموقفه وخياره، وثمة من بدأ يعي ان التقارب لا يمكن ان يؤدي بالضرورة الى تبني ترشيح عون، وبالتالي فان التقارب لن يسقط ايضاً إذا لم يحصل ذلك.