وقد رسا المشهد حتى حينه وقبيل الوصول الى موعد جلسة الانتخاب الرئاسي يوم السابع من ايار بدا ان جبهة رفض الفراغ توسعت وتوحدت على خلفية المواقف المتكاملة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الرئيس سعد الحريري، رئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الذي عبر في عدة مواقف مؤخرا عن رفضه للفراغ، الى هؤلاء احزاب وفعاليات قوى 14 اذار التي تتمسك ايضا بضرورة استدراك الشغور الرئاسي وانتخاب مرشحها جعجع.
وقد جاءت مواقف الرئيس الحريري، على ما تقول مصادر «المستقبل» في لقاءاته الباريسية، ترجمة لما اعلنه في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط برفضه الفراغ الرئاسي في هذا الموقع المسيحي الاول في هذه المنطقة وهويتها الممتدة من الاقليم الافريقي الى عمق آسيا.
اذ في اللقاء مع الوزيرين جبران باسيل والياس ابو صعب، الموفدين من قبل العماد ميشال عون، كان الرئيس الحريري حسب المعلومات مبادرا بطرحه عليهما ضرورة استدراك الفراغ وذلك بضرورة توافق القوى السياسية على مرشح او التقدم بمرشحها الى الهيئة العامة للمجلس النيابي على غرار قوى 14 اذار التي تدعم المرشح جعجع … وبذلك افهم الرئيس الحريري الموفدين ان على العماد عون ان يعزف عن طموحه التوافقي من دون ان يطلب منه ذلك، لكون هذه الخطوة حقاً ديموقراطياً مشروعاً لاي مواطن لبناني.
ورغم ان قيادات في التيار الوطني الحر تفضل ان تبقي على رهانها باحتمال موافقة الرئيس الحريري على وصول عون الى رئاسة الجمهورية خلفا للرئيس سليمان فإن المطلعين على الواقع الذي يحول دون تحول العماد عون الى مرشح «توافقي» او «توفيقي» هي جملة مواقف لا تزال عالقة في الذاكرة ومنها ما اعلنه بعيد السابع من ايار في حق تيار المستقبل وابناء الطائفة السنية وما اصاب منها يومذاك المملكة العربية وسفيرها في لبنان عبد العزيز خوجه بعد مغادرته القسرية بيروت وما تبع ذلك من مواقف في اتجاهه، وصولا الى «مؤلف» الابراء المستحيل والكلام الذي ردده العماد عون سابقا في حق الرئيس الشهيد رفيق الحريري بقوله ان المحاسبة ستجعل «العظام تهتز في القبر» لكن اذا ما تم تجاوز هذا الكلام على ما قاله الرئيس للوزيرين باسيل وابو صعب، بأنه لا يحقد على اي سياسي، لكن ماذا عن المستقبل وعن الخيارات السياسية … يتابع المطلعون ان استراتيجية الرئيس الحريري في اعتماد الحوار او استقبال الخصوم هي خيار يدعو اليه باستمرار، لكن من غير الممكن ان توصل قوى 14 اذار الى رئاسة الجمهورية العماد عون كحليف للرئيس السوري بشار الاسد، في ظل الصراع الاقليمي والموقف السعودي من النظام السوري فالرئيس الحريري يفصل بين الحوار وبين الخيارات، خصوصا ان العماد عون لا يزال على موقفه من سلاح حزب الله الذي هو موضوع خلاف حاد بين قوى 8 و14 اذار.
وكذلك كان اللقاء بين الرئيس الحريري وبين البطريرك الراعي الرافض للفراغ، جاء فيه ايضا اصرار قوى 14 اذار على ضرورة اجراء الاستحقاق الرئاسي، وهو اجتماع اعطى زعيم 14 آذار فرصة لتذكير رأس الكنيسة المارونية بما قاله له في اجتماع ايطاليا. بان قوى 14 اذار سيكون لها مرشح وهو الذي حصل في مقابل عدم مقاربة الفريق الآخر الاستحقاق بالاسلوب الديموقراطي ذاته، وبذلك يكون التزم من منطلق مسؤوليته الوطنية بما كان تعهد له به.
وفي ضوء معطيات تستبعد اوساط سياسية مطلعة على مضمون اجتماعات الطرفين تحقيق الاجماع الذي يسعى اليه «الزعيم المسيحي المشرقي» العماد عون لخوض الانتخابات الرئاسية في مقابل المعتقل السياسي السابق المرشح جعجع الذي نال 48 صوتا، فانه ينقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري وعن رئيس كتلته الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، بأنهما تجاوبا مع مطلبي العماد عون، بإعطائه اسبوعين كمهلة سماح للاستحصال على موقف مؤىد لانتخابه من فريق 14 اذار، انطلاقا من رهانه على اتصالاته مع الرئيس الحريري الذي أعاد الكرة الى مرماه، مشترطا عليه الحصول على موافقة حلفائه المسيحيين في 14 ذار لانه يحترم تحالفاته والتزاماته. ولذلك فان التوافق الرئاسي ينطلق اولا من وحدة او توافق البيت المسيحي.
ولذلك، فإن الرئيس بري الذي يعرب لزواره وفي مجالسه عن ان ادارته الجلستين السابقتين جاءت متلائمة مع مطالب العماد عون وان استحالة انتخاب عون، تفرض عليه الدخول في اتصالات مع القوى كافة من اجل استدراك الفراغ المرتقب.