مصر وأميركا: إنفراجة أم ضغوط جديدة؟

اكس خبر- في تشرين الأول (أكتوبر) 2013، أوقفت الإدارة الأميركية تسليم 10 طائرات «أباتشي» لمصر، وعلق وزير الدفاع المصري آنذاك الفريق الأول عبدالفتاح السيسي بقوله: «إن أميركا أدارت ظهرها لمصر»، كما وصفه وزير الخارجية نبيل فهمي بأنه «جاء في الوقت الخاطئ». وحقاً جاء القرار في الوقت الخاطئ، إذ كانت مصر منخرطة في حرب ضد الإرهاب في سيناء. وضاعف من وقع هذا القرار أن واشنطن أوقفت أجزاء أساسية من مساعداتها، كطائرات إف 16 وصواريخ هاربون ودبابات إم1 آي1. وكان هذا القرار وراء إتجاه مصر لتنويع مصادر تسليحها، فضلاً عن توسيع علاقاتها الدولية، بخاصة مع روسيا الإتحادية.

 

في هذه الأثناء جرت تطورات على المستويين المصري والعربي، فمصرياً استمر النظام الإنتقالي في تنفيذ «خارطة المستقبل»، وصوغ دستور جديد حاز تأييداً واسعاً، ويستعد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وصعَّدت جماعة «الإخوان» أعمال العنف، كما صعدت الجماعات المتطرفة أعمالها الإرهابية في سيناء. وعربياً أبدت السعودية والإمارات والكويت دعمها لثورة 30 يونيو وتداعياتها، واستعدادها لتعويض مصر عن المساعدات العسكرية الأميركية.

 

ونتصور أن هذه التطورات دفعت واشنطن إلى عملية إعادة تقييم لعلاقتها مع النظام الجديد، وهي العملية التي كان واضحاً أن وراءها مدرستين: الأولى يمثلها وزير الخارجية جون كيري، ووزير الدفاع تشاك هاغل، وكانا يعتبران أن مصر التزمت بإتفاقية السلام مع إسرائيل وما زالت مهمة للمصالح الإستراتيجية الأميركية في المنطقة، والثانية كانت تدعمها سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي، ومستشارو أوباما في البيت الأبيض، إذ تمسكوا بما اعتبروه «القيم الأميركية» في الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير… إلخ.

 

وواضح أن المدرسة الأولى تغلبت. ففي 22 نيسان (أبريل) الماضي أعلنت الناطقة بلسان وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي أن جون كيري تحدث مع نظيره المصري نبيل فهمي لإبلاغه بأنه أحاط الكونغرس علماً بأن مصر لا تزال شريكاً استراتيجياً مهماً للولايات المتحدة. وأشار كيري إلى أنه ليس قادراً حتى الآن على التحقق من أن مصر تتخذ خطوات لدعم تحولها الديموقراطي. كما نقل هاغل الرسالة نفسها إلى نظيره المصري، مؤكداً أن شهادة كيري تعني رفع رفض تسليم طائرات أباتشي الى مصر. وأعقب هذا إعلان الناطقة الرسمية أن الإدارة الأميريكية ستطلب من الكونغرس تقديم 650 مليون دولار لمصر من مجموع 1.5 بليون دولار المخصصة لها في 2014.

 

وسط هذه الإجواء الإيجابية جرت زيارة وزير الخارجية المصري للولايات المتحدة، وكان واضحاً أنه يحمل عدداً من الرسائل: مصر مصممة على الاستمرار في تطبيق «خارطة الطريق»، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة وشفافة. مصر معنية بعلاقات صحية ومستقيمة مع الولايات المتحدة. توجه مصر لتنويع وتعدد علاقتها الدولية لن يجيء على حساب علاقتها مع قوى دولية أخرى. هذا فضلاً عن شرح وتوضيح «الواقع الجديد» في مصر وما تتعرض له من عمليات عنف وإرهاب.

 

والواضح من رسائل كيري وهاغل أنها تحمل بعدين: أن في إمكانهما أن يشهدا أن مصر التزمت معاهدة السلام مع إسرائيل وهذا يؤهلها لإستلام طائرات الأباتشي، إلا أنهما لا يستطيعان أن يشهدا أن مصر تسير على طريق الديموقراطية، ومن ثم فهما يحضّان النظام الجديد على إجراء انتخابات حرة وإتاحة الحريات وحقوق الإنسان.

 

وهكذا نستطيع أن نقول إنه على رغم الخطوة الأميركية الأخيرة تجاه مصر، فالمفهوم الأميركي عن الديموقراطية في مصر سيظل من مصادر المتاعب في علاقات البلدين بخاصة حول مفهوم التمثيل السياسي الشامل الذي يعني في النهاية أن تكون جماعة الإخوان جزءاً من النسيج السياسي للبلاد.

 

وهو أمر يعتمد على تطور فكر جماعة الإخوان وعما إذا بدت مستعدة لذلك وقبول الواقع السياسي الجديد، أو أنها ستظل تقاوم هذا الواقع وترفض النظام الجديد وكل ما ترتب على ثورة 30 يونيو.

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *