في السابق، كانت أصابع الإتهام توجَّه دائماً عند كلّ تفجير إلى بلدة يبرود السورية، كمصدر للسيارات المفخخة، وإلى بلدة عرسال اللبنانية كطريق إجباري لها، لكن الوضع اليوم اختلف، تمّ طرد المجموعات المسلحة من يبرود، والوضع في عرسال مراقب إلى حد بعيد، فما الذي يحصل؟
من وجهة نظر الخبير العسكري العميد المتقاعد أمين حطيط، لا يمكن فصل ما حصل عن تطورات الأزمة السورية، لا سيما بعد أن وصلت الولايات المتحدة الأميركية إلى قناعة بفشل مشروعها، لكنه يشير إلى أن ذلك أجبرها على نقل مسرح العمليات إلى الساحة العراقية بشكل أساسي، بعد أن كانت أمام خيارين: إما وقف المشروع كلياً أو الإنتقال إلى خطة ثانية.
ويرى العميد حطيط،، أن العراق سيكون في المرحلة المقبلة المسرح الأساس لحركة الجماعات الإرهابية، في حين سيكون لبنان مسرحاً للضغط على المحور المقابل الذي تمثله المقاومة، إلا أنه لا ينفي إمكانية تمدد المشروع أكثر نحو السعودية والكويت والأردن، لا سيما في ظل المعلومات عن تقدم هذه الجماعات إلى المعابر الحدودية العراقية التي تفصلها عن هذه الدول.
من جانبه، يؤكد الخبير العسكري العميد المتقاعد وهبي قاطيشا أن مسلسل العمليات الإرهابية لم يتوقف أصلاً لكي يقال اليوم أنه عاد من جديد، ويلفت إلى أنه بعد العمليات العسكرية التي حصلت في منطقة جبال القلمون تمت السيطرة من قبل الجيش السوري على ما كان يوصف بأنه مصنع السيارات المفخخة، الأمر الذي دفع بالجهات التي تقف وراء هذه الأعمال إلى البحث عن مكان آخر، وهذا يتطلب بعض الوقت من الناحية اللوجستية بهدف إعادة تنظيم الأوضاع.
بالإضافة إلى ذلك، يلفت العميد قاطيشا، إلى المتغيّرات التي حصلت على الساحة العراقية في الفترة الأخيرة، ويعتبر أنها رفعت من منسوب الخطر، ويرى أنه طالما أن الساحة المحيطة متفجرة وهناك من اللبنانيين من هو مصرّ على التدخل فيها لن تكون البلاد بعيدة عن هذا الخطر.
أما بالنسبة إلى المصدر، يوافق العميد حطيط على القول أن موضوع إرسال السيارات المفخخة من الداخل السوري إنخفض إلى حد بعيد، وهنا يرجّح فرضية التصنيع المحلي، الأمر الذي يطرح حوله علامات استفهام ويتطلب أخذ إجراءاتٍ أمنيةٍ مشدّدةٍ جديدةٍ، ويعتبر العميد حطيط أنّ التفجيرَين الأخيرَين كانا بدائيَّين.
بدوره، يرفض العميد قاطيشا الدخول في أي تحليل حول مصدر السيارات بسبب غياب المعلومات الدقيقة، ويعتبر أنّ من الواجب سؤال من قال أنه إستطاع القضاء على منابعها عن مصدرها الحالي لأنه المسؤول عن إعطاء الجواب، ويرى أنه “طالما نحن لا نبني دولة ولا مؤسسات ولا ننتخب رئيسا لن نستطيع الخروج من هذا النفق”، ويضيف: “لبنان ساحة مكشوفة و بلدٌ مفتوحٌ على كلّ الاحتمالات”.
في المحصّلة، لم ينتهِ مسلسل الإرهاب الذي يضرب لبنان بعد، ومن غير المتوقع أن ينتهي في وقتٍ قريبٍ في ظلّ ما يجري في المنطقة، ولكن هل تنجح الإجراءات الوقائية بالحدّ من الخسائر في ظلّ حكومةٍ يشارك فيها مختلف الأفرقاء؟