عام 2008 رضخَ عون مجدّداً أمام ضياع فرصة القصر، حصل ذلك في الدوحة، التي ذهب إليها حالماً بأن يكون القطار إلى القصر قد ركب سكّة السابع من أيّار، لكنّ الرياح سارت خلافاً للسفن، وكان ذلك واقعيّاً لأنّ جميع أهل الأرض اجتمعوا في الدوحة، أميركيّين وإيرانيين وسعوديّين وفرنسيّين، جميعهم التقوا عند حصول الاتفاق على سحقِ من يعارضه، الإيرانيون تولّوا الضغط على عون، الذي انصاع في النهاية بعد جلسة صباحية ماراتونية مع أمير قطر قيل في أسرارها الكثير. هكذا يروي كلّ مَن شارك في مؤتمر الدوحة.
شبح الحرب الأهلية فرض رئيس التسوية عام 2008، والفراغ في ذلك العام أنتجَ حربَين، أمّا في سنة 2014 الجارية فيبدو عون سعيداً بازدياد فرَصِه في تعطيل الاستحقاق الرئاسي إذا لم يكن هو سيّد القصر.
الحسابات العونية واضحة ولا تحتمل التأويل. عون مرشّح لا يستطيع حلفاؤه، في ظلّ الوضع الحالي وضرورة التحالفات، أن يجبروه على التراجع، ولا يستطيع خصومه أن ينتخبوا رئيساً من دون اكتمال النصاب. والجنرال مرشّح في ظلّ لا مبالاة دوليّة وعجز عربي، تجلّى كلّه في التأخّر في التحرّك حتى اللحظات الأخيرة من انتهاء مهلة انتخاب رئيس الجمهورية.
يمسك حلفاءَه من اليد التي توجعهم، ويمنع خصومَه من التفاوض على أيّ بديل توافقي، «ويبلّط» في الساحة (التعبير لأحد الأقطاب) مفاوضاً حول صفة توافقية لا يصدّقها أحد، وحاملاً في الوقت نفسه سيفَ العودة إلى التعطيل في الحكومة، هذا التعطيل الذي من المنتظر أن يمارسه، بعد تعذّرِ انتخابه في المهلة الدستورية.