عون رئيساً… بمفعول مؤجَّل؟

إكس خبر- لم يخفت وهج الحلم الرئاسي في كواليس التيار الوطني الحرّ في الساعات القليلة الفائتة بل طُلِب من المتحمّسين بجرعاتٍ زائدة التروّي. في الأمس حصراً كان عون في قاموسهم وفي الكلمات التي هُمِست في آذانهم “رئيساً بانتخابٍ مرجأ”، فيما كان الكثيرون يقرأون في تضافر العناصر الداخلية والباريسيّة والسعودية وفي الزلات والتصريحات والتوضيحات ملامح رئيس جديدٍ آتٍ من الرابية في أقرب فرصةٍ ممكنة.

 

الأكيد أن في كواليس التيار خبراً ما. كلمة سرٍّ وصلت الى الرابية فدفعت عمادها الى الاعتراف بأنه على مسافة أمتار من عتبة قصر بعبدا. لم يكن عون ليتفوّه بها لو لم يشتمّ رائحتها عن بُعد. يعرف مقرّبوه أنه أذكى من أن يحرق اسمه في مرحلةٍ بهذه الحساسيّة. يعرفون جيداً أن مسلسل “تذاكيه” الرئاسي مستمرٌّ منذ لحظة إعلانه أنه لن يكون مرشحاً ضدّ جعجع وأن قدميه لن تطآ قصر بعبدا إلا توافقياً، وأن 65 صوتاً تجعل منه رئيسًا غير كافيةٍ في ميزان “ميثاقيّة” لن يحصل عليها إلا بمباركة تيار “المستقبل.

جعجع غاضب

ليس علم النفس وحده من يريد ميشال عون رئيسًا متسلحاً بزلاتٍ مكلفة من شخصياتٍ وازنة آخرها بكّ المختارة، بل يبدو أن سعد الحريري يريده أيضًا. فالرجل الذي يستقبل ويودّع كثيراً هذه الأيام في دارتيْه الباريسيّة والسعودية لم يتكلّف عناء نفي ما نُقِل على لسانه من تلميح الى تبنيه خيار العماد عون كمرشّح توافقي. وليس أياً كان من نقل هذا الكلام، بل سمير جعجع مرشّح 14 آذار المزعوم، الذي خرج بعد قرابة ثلاث ساعاتٍ ليوضح في بيانٍ مقتضب ألحِق به نصُّ المؤتمر الصحافي الكامل أن هناك فارقاً شاسعاً تُحدثه كلمة “نفسه”، فالحريري لم يطرح عون مرشحاَ توافقياً بل عون طرح نفسه كذلك. وعلمت “صدى البلد” من مصادر مطلعة على الزيارة أن “الأجواء لم تكن لطيفة كثيراً كما تعكسها الصور، بل خير ما يعكس حقيقة تلك الأجواء كلام جعجع الذي وصفه الكثيرون بالمتسرّع، وهو ما دفع هؤلاء الى التلميح الى أن توتراً ما حصل في تلك الغرفة المغلقة التي كان السنيورة وحده شاهداً عليها، وهو ما حثّ جعجع على تسريب ما قاله الحريري رغم أنه عملياً ومنطقياً لا يصبّ في صالح ترشّحه.

راءاتٌ عونية

في قراءات بعض البرتقاليين الأمور واضحة وضوح الشمس: جعجع ذهب الى باريس بعدما استشعر أن العباءة الرئاسيّة تُحاك على جسد عون فعاد وقال ما قاله بغضبٍ ثم خرج متأخراً ليوضح بعدما هُزَّت له العصا من بعيد؛ عون ما كان ليبثّ جرعات أمل في صفوف ناسه لو لم تصله كلمة سرّ ما؛ جنبلاط لم يزلّ لسانه بل قالها عمداً إذ من سابع المستحيلات أن يخطئ الرجل المحنّك باسمٍ يقرأه أمامه على الورق ويكمل وكأن شيئاً لم يحدث؛ الحراكان الباريسي والسعودي يشيان بوضع “الروتوشات” الأخيرة على الطبخة الرئاسيّة التي سيكون عون أول متذوّقيها وآخرهم لسنواتٍ ستّ”… تستند القراءات العونية الى عناصر تلعب في صالحها هذه الأيام -صدفةً أو واقعاً- ولكنها في المقابل تبني على كلّ خبريّةٍ مسرّبةٍ من لقاءٍ عوني مغلق أو حتى على كلِّ تلميح قد يقوله الجنرال في دوائره الضيّقة أو عبر الهاتف في عشاءٍ يسمع فيه الحاضرون وعداً بالاحتفال في بعبدا قريباً.

 

كلمة شبه نهائيّة

قد تكون فرص عون في الوصول الى سدّة الرئاسة اليوم أقوى من أيِّ وقتٍ مضى، وإن لم تكن كذلك فحتمًا يعلم الرجل أن عليه أن يودّع الحلم الرئاسي الى الأبد. فالنضوج الذي بلغته التسوية السعودية-الإيرانية وعبرها التسوية الأميركية-الإيرانية المرتبطة بالملف النووي كافٍ لإقناع “المستقبل” بأهمية الارتقاء بزعيم مسيحيٍّ قويٍّ في هذه المرحلة مقابل التمهيد لعودة سعد الحريري الى موقعه الطبيعي في الرئاسة الثالثة حيث يمثّل شارعه، مع ضمان رضى الرئيس تمام سلام عن مثل هذا السيناريو وحبّة مسك من السعودية قد يعود بها بعد ساعاتٍ من عشاءٍ تكريمي في الرياض. عشاء زرعت الرابية فيه أذنيْ وزيرها الناشط الياس بو صعب علّهما تلتقطان سهواً أو عمداً التأكيد النهائي لعون أو الاعتذار النهائي منه. وعلمت “صدى البلد” أن “كلمةَ شبه نهائيّة وصلت الى الرابية مفادُها أن حظوظ عون مرتفعة جداً والأجواء المحيطة باسمه إيجابية وأن النهاية لن تكون إلا لصالحه ولكن ليس في جلسة الخميس ولا بعدها، إذ إن الأمور تحتاج الى مزيدٍ من الوقت لن يكون طويلاً بما يسمح للشغور بالاستيطان أكثر من أيام معدودة على أصابع سيّد بكركي.

 

حفظوا الدرس

على ضفّة “مستقبليي” الداخل، باستثناء الرئيس فؤاد السنيورة وبعض المقربّين منه، ليست الأمور محسومة ولا واضحة تمامًا، أو هي كذلك ولكن لا يمكنهم البوح بها إلا حين وصول الضوء الأخضر من القيادة الباريسيّة التي تنتظر في دورها ضوءًا من هذا النوع. تحاول مصادر “المستقبل” معمعة الأمور قدر المستطاع وكسب المزيد من الوقت من خلال مواقفها الجامدة المعروفة من قبيل “تلافي الفراغ بأيّ ثمن”. وتؤكد عبر “صدى البلد” أن “حديثها عن رفض الفراغ قد يحمل حظوظاً لعون خصوصًا أن أبناء قريطم منفتحون على جميع المرشحين ولا يضعون فيتو على أحد”… حفظ أبناء التيار الأزرق الدرس جيداً: “طرّوها مع عون” وفي المقابل لا تجعلوا أحداً يشعر وكأننا تبنيّناه. ربما هي بداية الطريق التي لا بدّ أن تبدأ بمكابرةٍ أخيرة بطلتها معراب: “ما زال جعجع مرشّحنا، ويبقى كذلك الى أن يقدّم الفريق الآخر مرشّحه ويتوجّه الى البرلمان”. وكأني بهؤلاء يقولون: جعجع يمثّلنا وينسون عبارة: حتى الآن. هذا الكلام لم تعد الرابية تأخذه على محمل الجدّ بعدما فهمت أصول اللعبة، بل تنظر اليه على أنه “ممجوج” ولا بدّ من قوله في هذه المرحلة بحكم أن جعجع يبقى حليفاً ضمن 14 آذار. ومع ذلك، يعلم “المستقبليون” جيداً أن التسوية الكبرى لا تعرف حليفاً أو خصماً، بل تفرض اسمًا وتترك للحريري وأبناء تياره إيجاد المسوّغات اللازمة للقاعدة والحلفاء على السواء.

 

خطّ الرجعة

ربما لعبها عون ذكيّة منذ رسم خطّ الرجعة مع تيار “المستقبل” بانفتاحه على عرابه الأعلى: السعودية وبتخصيصه ملفاً لذاك الانفتاح أصبح أشبه بربطة عنق للوزير الصهر. وربما لن يكون ما قدّمه وخبّأه منذ 26 عامًا كافياً لوصوله الى قصر بعبدا مجدداً. كلّ الاحتمالات واردة، لا بل فرضيات الوصول متساوية مع فرضيات الفشل والرابية أكثر من يعلم ذلك، وكما ولدت حكومة الأضداد في ليلةٍ قمراء، يمكن أن يرنّ هاتف الرابية ليسمع سيّدها الخبر اليقين عن نضوج التسوية أو الاعتذار منه مع طلب “المحاولة لاحقاً

 

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *