” أناشد الحكومة الجزائرية التي نعرف أن موقفها السياسي مؤيد لنظام الرئيس بشار الأسد، أن تضع خطا فاصلا بين الموقف السياسي والموقف الانساني، نحن لسنا بصدد محاسبة الجزائر على موقفها السياسي هذا مشكلتها وربما يرتبط بمصالحها ، لكننا نتحدث عن حالة انسانية تتطلب العون والمساعدة مهما كانت المواقف “.
بهذه الكلمات المعبّرة, طالب أبو اسماعيل اللاجئ برفقة عائلته من مدينة حلب الى الجزائر الحكومة الجزائرية بتقديم يد المعونة والرعاية لهم في الظروف الاستثنائية التي يمر بها وغيره من العائلات.
وفي مشهد صادم للإنسانية والعروبة, فقد تجمعت عائلات سورية في ساحة بور سعيد قبالة المسرح الوطني في قلب العاصمة الجزائرية رفقة عدد كبير من أطفالها وسط معاناة قاسية وظروف غير انسانية.
وفي مسلسل المآسي التي تعانيها, تضطر بعض العائلات التي لا تملك موارد مالية الى المبيت في تلك الساحة فيما تبيت عائلات اخرى في بعض الفنادق المتواضعة القريبة.
و مع وصول كل طائرة قادمة من العاصمة السورية تصل عشرات العائلات السورية التي قررت اللجوء الى الجزائر، مستفيدة من عدم وجود تأشيرة للدخول بين البلدين، هاربة من جحيم الحرب الدامي.
لكن هذه العائلات لا تعلم أنها تفر من جحيم الحرب الى جحيم المأساة التي تنتظرها في الجزائر حيث لا سقف يأويها ولا فراش ولا مرافق استقبال، عدا الفنادق المتواضعة في العاصمة الجزائرية للقادرين منهم والحدائق والساحات العمومية لمن لا قدرة له.
و في ساحة بورسعيد الشهيرة وسط العاصمة الجزائرية تفترش أكثر من ١٥ عائلة سورية المكان في عز شهر رمضان المبارك ، رفقة أطفالها الذين تغير عليهم المكان والزمان واللغة والتفاصيل اليومية، حيث لا قصف ولا دوي رصاص، لكن المأساة غيرت صورتها فقط ، وباتت هذه العائلات واللاجئين القادمين من سوريا يتزاحمون مع المشردين والمنحرفين الذين يملؤون الساحة وسط مخاطر تعرضهم للأذى.
بعض هذه العائلات واللاجئين وصلوا الى الجزائر قبل ثلاثة اشهر، ويعتاشون على صدقات المحسنين وتبرعات المواطنين من أموال واكل وأغطية وأفرشة في ظل تجاهل الحكومة الجزائرية لهم، وتملص المنظمات الخيرية الرسمية كالهلال الأحمر الجزائري والمدنية كجمعية الارشاد والاصلاح و الكشافة وغيرها من المنظمات الخيرية، ودون ان يتحرك باتجاهم مكتب المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة في الجزائر.
وأكد “اللاجئ” أبو اسماعيل الى أن بعض الأطفال الذين يبيتون في العراء في حديقة بورسعيد أصيبوا بأمراض ونوبات زكام حادة، فيما تعاني بعض النسوة من حالة اعياء كبير.
وأشار أبو اسماعيل الى أن هناك بعض العائلات السورية التي غادرت العاصمة الجزائرية الى مدن أخرى كوهران غربي الجزائر وقسنطينة شرقي الجزائر، وبعضهم تاهوا في ولايات أخرى، مشيرا الى أنه يفكر وعائلته في مغادرة الجزائر بعد انتهاء فترة اقامته الى تونس التي قررت فتح مخيمات لاستقبال اللاجئين السوريين.
ومن جهته, قال أبو أحمد وهو رب عائلة تتكون من زوجة و ستة أطفال انه وصل الى الجزائر قبل ١٠ أيام ، حيث قرر مغادرة مدينته حمص بعد تدمير جزء من بيته خلال القصف، وسارع الى مغادرة سوريا باتجاه الجزائر كونها من بين الدول التي لا يتطلب الدخول اليها تأشيرة.
وأكد أبو أحمد أنه أقام ليلتين في العراء في حديقة بور سعيد قبل أن يتبرع أحد المحسنيين الجزائريين بتأجير غرفة له ولأطفاله في احد الفنادق الصغيرة في العاصمة، الى أن تتضح الأمور.
وقال رمزي وهو طالب جامعي كان يدرس الصيدلة في دمشق ووصل الى الجزائر قبل ستة أيام، ليلتحق باحد اقربائه السوريين المقيمين في الجزائر إنه لم يكن يتصور ان تكون اوضاع العائلات السورية بهذه الصورة المأساوية في الجزائر ، وقال إن ” الجزائر من الدول الموقعة على الاتفاقيات الدولية المتضمنة مساعدة اللائجيين والنازحين في ظروف الحرب والنزاعات، وكان عليها اقامة مكان لاستقبال اللاجئين السوريين، لقد كنت طفلا في فترة الثورة الجزائرية وكنا نحب الجزائر ونسعى الى مساعدتها بالتبرع بالأموال ، نود أن ترد لنا الجزائر بعض الجملي ، وطال ابو اسماعيل المجاهدة جميلة بوحيرد التي لها سمعة طيبة لدى الشعب السوري كرمز من رموز الحرية ان تتدخل لدى السلطات الجزائرية لمساعدتنا.
ويتخوف اللاجئون السوريون من امكانية طردهم من قبل السلطات الجزائرية في حال انتهت مدة الاقامة المحددة قانونا في الجزائر ب٩٠ يوما ، وقال أبو أحمد الذي قدم من حمص رفقة ستة من اطفاله أن بعض العائلات السورية التي انتهت مدة اقامتها في الجزائر ، تم احتجازها من قبل سلطات مطار الجزائر لتجاوزها فترة الاقامة القانونية ، وتم احتجازهم لمدة تتراوح بين يوم ويومين قبل ان تتم احالتهم الى العدالة التي قررت ترحيلهم الى بلادهم ، وأكد أبو أحمد أن العائلات السورية تتخوف من ان تتعرض الى مكروه ومساءلات عنيفة من قبل السلطات السورية في المطارات السورية في حال تم ترحيلهم من قبل السلطات الجزائرية.
وقدّر رمزي عدد اللاجئين السوريين الذين توافدوا الى الجزائر بحوالي ١٠ آلاف لاجئى.
وترفض العائلات السورية الكشف عن صورها أو عن أسمائها الحقيقية في الصحف، خشية تعرض أقربائهم في سوريا للانتقام من قبل نظام الأسد.