اول هذه الممارسات الاسرائيلية الممنهجة والمخططة تجاه المدينة المقدسة والتي طالت البشر والحجر، حيث فقامت اسرائيل بضم المدينة لكيانها الغاصب وطبقت قوانينها عليها، وحلت مجلس أمانة القدس العربية ، وألغت القوانين الأردنية التي كانت مطبقة في المدينة انذاك ، وأغلقت المحاكم والبنوك العربية وفرضت منهاج التعليم الاسرائيلي ، وطبقت قانون أملاك الغائبين والذي أدى لفقدان الكثيرين من حقهم في عقاراتهم وأملاكهم ، هادفة من ذلك تهويد المدينة وتقليل عدد السكان الفلسطينيين الى أقل عدد ممكن من خلال الاخلال بالتوازن الديمغرافي لصالح اليهود.
كما قامت الدولة العبرية بالتوسع في هدم البيوت والورش والمصانع وسحب الهويات والتضييق الأمني واقامة الحواجز العسكرية لفصل التجمعات السكانية الفلسطينية بعضها عن بعض.
أما ثاني هذه التحديات فكان نتيجة للأداء الفلسطيني الرسمي والذي كان دون المطلوب بكافة مقوماته لمواجهة الاجراءات الاسرائيلية ، من خلال عدم تخصيص ميزانيات حقيقية ضمن خطط استراتيجية هادفة من ميزانية السلطة الفلسطينية دعما لاقتصادها لما تشكله القدس من مكانة دينية وعقيدية وتراثية وسياحية وكعاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة ، مما شجع اسرائيل وأعطاها الحرية الكاملة على الارض بتنفيذ مخططاتها التوسعية دون حسيب ولا رقيب .
وثالث هذه التحديات وكان كنتيجة للتحديين السابقين فقد عزف القطاع الخاص عن الاستثمار في القدس عدا عن بعض المبادرات والجهود الفردية المقدرة ، وأجبر عدد كبير من المستثمرين وأصحاب المصانع والفنادق والورش والمحلات التجارية والتي تشكل عصب الاقتصاد في المدينة من البحث عن أماكن آمنة لاستثماراتهم خارج القدس أو على أطرافها هربا من سياسات التضييق والاستهداف من خلال الممارسات الممنهجة والضرائب الباهظة التي فرضتها عليهم سلطات الاحتلال.
واشار السويطي الى ان سياسة إسرائيل الاقتصادية في القدس مع سياستها في مجالات القانون والاستيطان وبناء الجدار تناغمت على ارض الواقع، حيث عملت ومنذ بداية احتلالها للمدينة على تفريغ المدينة من الاقتصاد الفلسطيني ، وفك ارتباطها اقتصاديا مع الضفة الغربية ، وربطها بالاقتصاد الاسرائيلي بهدف إجبار الفلسطينيين على الرحيل الطوعي من المدينة وفق سياسة “الجذب المعاكس”، بمنع إدخال المنتجات الزراعية والصناعية من والى القدس ، واعتماد الشيكل الاسرائيلي كعملة تداول في الضفة الغربية وقطاع غزة بدلا من الدينار الاردني ، واغلاق البنوك الاردنية وفرض الضرائب الباهظة على البضائع العربية التي تحتاجها القدس.
ولم تتوقف ممارسات اسرائيل هنا حيث حاصرت القطاع السياحي ومنعت القطاع التجاري من العمل مع محيطه ، ونتيجة لتلك السياسة ضربت البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المدينة ، الامر الذي أدى إلى تراجع مكانتها الاقتصادية بشكل متواصل ، وأدخلت مرافقها الاقتصادية في أزمات متواصلة.
واكد السويطي ان الاقتصاد في القدس قد تأثر كباقي القطاعات الاخرى من الوضع القانوني والسياسي المفروض على القدس ، ونتيجة لذلك شهد اقتصاد القدس تراجعا مستمرا، وقد استفحل الأمر وتفاقم خطره من جراء المنافسة الشرسة من جانب الاقتصاد الإسرائيلي القوي، الذي حد من حصة السوق الفلسطيني مما زاد من مستويات الاعتماد على الاقتصاد الإسرائيلي.
ونوّه السويطي الى أن الأزمة الأقتصادية في القدس ستتعمق خلال العام 2012 وستزيد من نسبة الفقر، وستقل فرص تشغيل الايدي العاملة الفلسطينيه للمجتمع الفلسطيني مما ستزيد من نسبة البطالة في المجتمع الفلسطيني، هذا هو الواقع المر للوضع الاقتصادي الفلسطيني ، وهنا يحق لنا أن نتسائل لمصلحة من يتم الحديث عن نسب النمو الوهمي هذه والتي لا تعبر عن الواقع بشيء سوى خدمة جهات وأطراف مستفيدة بعينها وخدمة لأهداف وأجندات خارجية مكشوفة.
وناشد السويطي المسؤولين ومتخذي القرار في فلسطين أن يوضحوا لتلك الأطراف الدولية والاقليمية بأن فلسطين تتكون من مجمل الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧ بجناحيها الضفة الغربية وقطاع غزه بما فيها القدس الشريف، وأية دراسة للاقتصاد الفلسطيني يجب أن تتناوله كوحدة واحدة ، فلا اقتصاد مستقل هنا في الضفة أو قطاع غزة أو القدس وليس لكل جناح اقتصاد خاص به.
وختم السويطي تقريره “على الدول العربية ومن خلال الجامعة العربية وقممها الدورية قد وعدت بدعم القدس وبكافة قطاعاتها بمئات ملايين الدولارات خلال العقود الماضية ، لكن ذلك لم يأخذ طريقه للتنفيذ على أرض الواقع فما أن تنتهي القمة العربية حتى تتبخر هذه الوعد ولا يصل للقدس شيئا من هذه المساعدات. فلا يعقل أن نبكي القدس اليوم وباستطاعتنا تقديم الدعم لها ولا نفعل ، ونشيعها الى مثواها الاخير وقلبها ينبض بالحياة تستجدي الدعم وتصر على انها عربيه اسلامية ، وهنا نكون أمام الله والتاريخ الذي لا يرحم قد شاركنا المحتل بطريقة أو بأخرى بانجاح خططه وسياساته وأطماعه في المدينة المقدسة”.