“خرطوشة” أخيرة قبل الشارع… ماذا تطبخ بكركي؟

إكس خبر- الحكومة الرئاسيّة مسترخية والراعي على أعصابه، لا ينفكّ يكرّر “العدّية” نفسها على مسامع من استهوتهم حكاية انتقال الصلاحيات، ويطبخ مع مؤسساته المارونية الثلاث خفاءً تحركاتٍ لن يشارك فيها احترامًا لعباءته الدينية ولكنه سيدعمها بلا أدنى شكّ طالما أنها مشروعة ووسيلة ضغط مفترضة لانتخاب رئيس.

 

ثلاثة تطوّرات سلكت خطّ بكركي في أقل من أربع وعشرين ساعة: أولاً، جلسة رئاسيّة سادسة طارت بلا سائل وهي الجلسة التي كانت بكركي تربط تحرّكها المقبل بنتائجها مع علمها المسبق بأنها لن تكون إلا كما سابقاتها لا بل أكثر سوءاً مع غرق البلاد في جمود على مستوى المبادرات الساعية الى انتخاب رئاسيٍّ، وفي ظلّ انتقال النقاش من مستوى قصر بعبدا الى مستوى البرلمان بحثاً عن قانون انتخابي عصري يفرز مجلساً جديداً ينتخب رئيسًا، وهي العملية التي تحتاج على الأقل 4 أشهر إن انقضى الأمر بهذه المهلة فحسب. ثانياً، خروج رئيس الهيئة التنفيذيّة في القوات اللبنانية سمير جعجع بمبادرةٍ تعزز دور بكركي وتضع في يدها الكلمة الفصل. ثالثاً، وهنا بيت القصيد، خروج الراعي عن صمته بعد 15 يومًا من الشغور ليؤكد أن “قيام حكومة تحلّ محلّ الرئيس مدّة غير محدّدة انتهاكٌ خطير للمحبة والميثاق إذ يُقصى المكون المسيحي – الماروني عن الرئاسة الأولى. فلا المجلس النيابي يستطيع أن يضطلع بوظيفته التشريعية، ولا الحكومة تجد السبيل إلى ممارسة صلاحياتها.

 

همسوا في أذنه

لم يعد خافياً على أحد أن بكركي لن تسكت عن “تراخي” المسؤولين وتحديداً الموارنة وتلكئهم عن انتخاب رئيس للبلاد، وإذا كانت من ترجمة ستتبناها بكركي قريباً فلن تكون سوى تلك “الانتفاضة” المدنية التي بدأت رائحتها تفوح في أرجاء الصرح، والتي بدأ أبطالها يعدّون عدّتهم خصوصًا بعدما همس رؤساء المؤسسات المارونية الثلاث في أذني الراعي بنتيجة حراكهم الأخير ولقائهم عدداً من القيادات. تلك النتائج التي بدت سلبيّة على ما علمت “صدى البلد”، اقتصرت على الوعود الكلامية من دون أن يتلمّس الموفدون الموارنة أياً من تجسيداتها على أرض الواقع ولو في حراكٍ رئاسيٍّ جدّي واحد، لا بل صُدِموا بانتقال النقاش الى ميدانٍ القانون الانتخابي وإغفال حكاية الموقع الأوّل تسليمًا بأن حكومة المصلحة الوطنية قادرة على إدارة البلاد”. تلك القناعة التي كوّنها كلٌّ من ميشال إده وسمير أبي اللمع ووديع الخازن هي التي دفعت بكركي الى إيثار خطوتين لا تراجع عنهما: أولاهما مباركة خيار الشارع كورقة ضغطٍ يلوّح بها نخبويّون ونقابيون ومدنيون، وثانيتُهما القفز من مرحلة دعم عمل الحكومة الموقّتة في ظلّ غياب الرئيس الى مرحلة رفض “احتلالها” الموقع الرئاسي فترةً غير محدّدة”. وتشير مصادر مقرّبة من بكركي عبر “صدى البلد” الى أن “الراعي ما كان ليقول ما قاله عن عمل الحكومة لو لم يكن على يقين بأن هناك نيّةً جديةً وواضحة لتمديد مهلة تصرّف الحكومة في صلاحيات الرئيس وتأجيل الانتخاب الى تاريخٍ غير مسمًّى طالما أن الحكومة تقوم بالحِمل، وهو ما لم يرضَه الراعي ولن يرضاه أبداً على نفسه وعلى بيعته المارونية تحت أيّ ذريعة أو تبرير.

 

الحلّ الأخير؟

قرّر الراعي أن يوصّف ما يحصل بحالةٍ عاطفيّة، من دون أن يغفل في قراءته ركونه الى فلسفةٍ دستورية يجدها بعضهم عميقة تكمن في أن الميثاق الوطني قائمٌ على التمثيل الماروني في رئاسة الجمهورية وإذا خلا هذا التمثيل فلمدّة محدّدة ترعاها نصوصٌ موقّتة على ألا يكون هذا الشغور دائمًا. وإذا كان من مسعى يقوده البطريرك لجمع الأقطاب الموارنة الأربعة في القريب العاجل قبيل اللجوء الى “خرطوشة” الشارع الأخيرة، فإن سمير جعجع وسليمان فرنجية وأمين الجميل سيكونون حاضرين لمثل هذا اللقاء، لكن ماذا عن ميشال عون وهو الذي يتهمه بعضهم بأنه أقفل الباب على كلّ حلٍّ لا يبحث في ترشيحه؟ في هذا المضمار، علمت “صدى البلد” أن “الرابية ستستجيب حتمًا لأيّ دعوةٍ يقودها الراعي بغضّ النظر عن محاولات الكثيرين الاصطياد في مائهما العكِر رغم بعض الاعتراضات التي يمكن لكلٍّ من الطرفين أن يسجلها على الآخر خصوصًا في الآونة الأخيرة في غمرة التسريبات والأقاويل المنسوبة اليهما في غير مناسبة والتي لا تُعجِب الطرف الآخر.

 

فرضيّة صحيحة

وفيما قرأ الكثيرون في موقف بكركي من حكومة الشغور تجاوزاً للدستور وتحديداً للمادة 62 التي تنيط مهام رئيس الجمهورية وصلاحياته في حال الشغور الى مجلس الوزراء وكالةً، قال رئيس “جمعية جوستيسيا لحقوق الإنسان” المحامي بول مرقص لـ”صدى البلد”: “البطريرك كونه مؤتمناً على التمثيل المسيحي الماروني في السلطة ينطلق من فرضية صحيحة هي أن المادة 62 من الدستور التي تنصّ على انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً الى مجلس الوزراء إنما وُجِدت لدواعٍ موقتةٍ واستثنائيّة وظرفيّة يتسبّب بها خلاء سدّة الرئاسة للأسباب المنصوص عليها في المادة 74. وهذه الأسباب لم تشمل صراحةً انتهاء ولاية الرئيس وتعذّر انتخابه من النواب ولو أنها تضمّنت ذلك في طياتها. ما يعني أنها وُجِدت لأسباب تتعلق باستقالة الرئيس فجأة أو وفاته من دون أن تغفل استعمال عبارة: لأي علّة كانت على سبيل التحوّط”. ويردف مرقص: “فلسفة المادتين 62 و74 ليست لسدّ عجز الإرادة عن انتخاب الرئيس بل لسدّ حالاتٍ استثنائيّة أو طبيعيّة حتى لا نصل الى الفراغ في حال خلاء الرئاسة.

 

آخر الآمال

إذاً في بكركي زخمٌ ما قد يجد السبيل الى ترجمته العملية في الأيام القليلة المقبلة، عندما يفقد الراعي آخر آماله بإمكانية انتخاب رئيسٍ في القريب العاجل وعندما يتأكد من حقيقة أن عدوى المماطلة انتقلت الى أبناء رعيّته قبل سواهم، وهو ما لن يحصل أغلب الظنّ إلا بعد أن يسمعها الكاردينال منهم مباشرةً في “جَمعةٍ” من تلك التي يحبها قلبه. زخمٌ يقدّر الكثيرون أنه لن يتجاوز أطر التحرّك المحدود في الشارع، فيما بدأ آخرون يعوّلون على إطلالة الراعي من نافذته حاملاً لائحة أسماءٍ أبطالها: زياد بارود ودميانوس قطار وروجيه ديب على ما يسرّب بعضهم. فهل يدفع «اليأس» الرئاسي بكركي الى الدخول في لعبة الأسماء أم أن خطوةً أكثر محاذرةً وحنكةً تُطبَخ في أروقتها؟

 

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *