عند منتصف تسعينات القرن العشرين، كان الإعلام السوري يصرخ:
«نريد وديعة رابين». وكان الرئيس السوري السابق حافظ الأسد في كل خطاباته وتصريحاته يتحدث عن وديعة رابين والشوق إليها والتدله بها.
وعندما قال المفاوض الإسرائيلي للمفاوض السوري: إن إسرائيل ترغب في الانسحاب من جنوب لبنان. رد الأسد بشخصه على الطلب الاسرائيلي بقوله:
«لست حارساً على بوابة إسرائيل». هذا تم أثناء المفاوضات الإسرائيلية السورية في مطلع التسعينات من القرن الماضي، وأعادت إسرائيل الطلب عدة مرات، ولكن جواب الأسد لم يتبدل.
قبل وفاته بعام واحد، التقى الأسد مع الرئيس الأميركي بيل كلينتون في جنيف، وهناك أحضر بيل كلينتون معه معشوقة الأسد «وديعة رابين»، وقال له «وقع»، فرد الأسد: نعم أوقع، ولكن ذلك يتطلب انسحاباً سورياً – إسرائيليا متزامناً من لبنان، وذلك قرار من الصعب اتخاذه!
فيرد بيل كلينتون: ولماذا؟ فيجيب الأسد: لأن ذلك يعني تدمير الاقتصاد السوري! إذا قررنا الانسحاب من لبنان، فإن سوريا بحاجة إلى دعم مالي سنوي بمليارات الدولارات. عندها اتضح للرئيس الأميركي أن الأسد قد باع الجولان مقابل لبنان، ولكن بشار الأسد قد خسر لبنان كما خسر والده الجولان.
ويعتقد البعض بأن حافظ الأسد داهية في السياسة، ولكن الواقع يشهد بأن حافظ الأسد هو ذكي في المراوغة والتفلت من المواقف المسؤولة والهروب دائماً إلى الأمام ليلقي بنفسه في أحضان الورد. المكر والمخادعة ليسا من صفات رجل الدولة الذي يحسب الأمور استراتيجياً، رجل الدولة لا يفكر بنفسه، بل هناك مرجعيات ومؤسسات هي التي تبني سياسة الدولة، وكل ما كان يقوله حافظ الأسد ويصرح به ليس سوى «خربشات» على حائط ساقط.. واتضح وجه نظامه خلال العامين المنصرمين، إرهاب وشبيحة.. وقتل واغتصاب.. فماذا بعد؟