مقال صحيفة الوطن السعودية – مع مغادرة الرئيس اللبناني قصر بعبدا منذ عدة أيام بعد نهاية مدة ولايته، يدخل لبنان في استحقاق آخر معقد وصعب، وتوضح عدم قدرة التيارات السياسية في مجلس النواب اللبناني على اختيار رئيس جديد متفق عليه، أن هناك من يريد عدم استقرار لبنان، فقبل تعطيل اختيار رئيس الدولة، تم تعطيل اختيار رئيس الحكومة، وشهد لبنان كثيرا من الجدل والصراعات الخفية والمعلنة، إلى أن تم التوافق على رئيس الحكومة. واليوم يعود السيناريو ذاته في اختيار رئيس الدولة.
إشكالية الانقسامات السياسية في لبنان ليست جديدة، لكنها تزداد حدة، خاصة حين يريد أحد التيارات كما في حالة حزب الله أن يفرض رأيه على الجميع، أو يقف عائقا دون تحقيق الاستقرار، مقدما مصلحة الحزب أو التيار على مصلحة وطن بأكمله، أو منتظرا الإملاءات الخارجية ليعلن خياره. وهذا ما يسهم في مزيد من الضبابية لدى عامة اللبنانيين الذين ليس لهم مصلحة في أن يضغط حزب كذا ويحقق بعض المكاسب وما إلى ذلك من أمور.
من هنا، فإن امتناع نواب حزب الله ومن يتحالفون معهم عن حضور جلسات انتخاب الرئيس، لا تتجاوز كونها حركات مكشوفة لضمان عدم اكتمال النصاب القانوني، وبالتالي تعطيل العملية الانتخابية، وعندما يفشل النواب اللبنانيون على مدى خمس جلسات عبر الشهرين الماضيين في التوافق على رئيس للدولة، فذلك يعني أن هناك مشكلة في مكان ما موجودة يجب العمل على حلها.
تظهر المشكلة أو جزء كبير منها حين يأتي تصريح رئيس كتلة حزب الله في مجلس النواب بأنه “لن يصل إلى كرسي الرئاسة في لبنان إلا من يحرص على المقاومة – أي حزب الله – وخيارها”، ليضع النقاط على الحروف، فيكشف حزب الله نفسه بنفسه، وأن مصلحته تتقدم على أي شيء آخر. أما تضليل الآخرين بمصطلح المقاومة فلم يعد مجديا بعد أن أقحم الحزب عناصره في الأزمة السورية، وراحوا يدافعون عن النظام ويقتلون الشعب، فالمقاومة تختلف عن القتال في دولة عربية ولا تتمثل في هدر الدم السوري بأي حال.
غير أن الحقيقة التي يجب أن يعرفها من يعطلون مسارات لبنان هي أنهم انكشفوا تماما، والزمن ـ طال أم قصر ـ كفيل بلفظهم من الخارطة اللبنانية، ولبنان سيكون أفضل من دونهم.