إكس خبر- يعطي المرشح الرئاسي الاوفر حظا في مصر المشير عبد الفتاح السيسي، والذي اطاح بالرئيس الاسلامي محمد مرسي، اولوية للاستقرار على حساب الحريات، مشددا على ان تحقيق “ديموقراطية كاملة” في مصر قد يستغرق اعواما طويلة.
وبعد ثلاث سنوات من اطاحة ملايين المصريين المطالبين بـ”الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية” بالرئيس الاسبق حسنى مبارك، حذر السيسي من ان التطلع نحو الحريات قد يعوق حماية الامن القومي ويساهم في تباطؤ التعافي الاقتصادي.
وسأل السيسي مجموعة من رؤساء تحرير الصحف المصرية في اجتماع في القاهرة نهاية الاسبوع الماضي “انتم تكتبون في الصحف ان لا صوت يعلو فوق صوت حرية التعبير. ما هذا؟“.
واضاف مستنكرا “من السائح الذي سيأتي لنا ونحن نتظاهر كل يوم بهذا الشكل. هل انتم ناسون ان هناك ملايين من البشر والاسر غير قادرة على كسب قوت يومها بسبب توقف السياحة؟“.
وشدد على ان التظاهر المستمر هو “احد مظاهر عدم الاستقرار“.
ومنذ العام 2011، شهدت مصر الاطاحة برئيسين بعد تظاهرات حاشدة شارك فيها الملايين، وتخلل ذلك قمع للمتظاهرين اسفر عن سقوط مئات القتلى، وسلسلة من الهجمات المسلحة على قوات الامن زادت في الانقسام السياسي والتردي الاقتصادي.
وتفاقمت الاوضاع بعدما اقرت السلطات التي تولت شؤون البلاد بعدما اطاح السيسي بمرسي قانونا يحظر كل التظاهرات عدا تلك التي تحصل على ترخيص من وزارة الداخلية.
وصدرت احكام بالسجن بحق عدد من ابرز نشطاء الثورة التي اطاحت بمبارك بتهم مخالفة قانون التظاهر، فيما قتل نحو 1400 شخص في حملة شنتها السلطات المصرية على انصار مرسي منذ عزله في الثالث من تموز الفائت.
ويقول اسامة دياب المحلل في “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” لوكالة فرانس برس ان “عدد المحطات التلفزيونية التي اغلقت، وعدد الصحافيين الذين اعتقلوا، وعدد المعتقلين السياسيين في السجون.. كل هذا غير مسبوق“.
وشدد السيسي ايضا امام الجسم الاعلامي على انه “لا بد ان يكون هناك توازن في معادلة الممارسة والحريات والامن القومي والحفاظ عليه”، مشيرا الى ان المسؤولين يحتاجون الى فسحة من الوقت لتظهر نتائج عملهم للناس.
واقترح السيسي المرشح الاوفر حظا للفوز في الانتخابات امام منافسه اليساري حمدين صباحي على الصحافيين ان “نعطي فرصة للمسؤولين المقبلين مثلا اربعة اشهر، (وهي) مدة زمنية نجدها مناسبة لنرى منهم ما يعملون“.
وتابع في الاجتماع الذي بثت محطات تلفزيونية خاصة وقائعه “لو (كان) عندك معلومة او موضوع اهمس به في اذن بدلا من طرحه” على الملأ.
وفي لقاء تلفزيوني اخر جرى بثه الثلاثاء والاربعاء الماضيين، واصل السيسي حديثه عن الاستقرار وابدى عزما ثابتا على محاربة جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي، اول رئيس مدني منتخب ديموقراطيا في تاريخ مصر.
وقال صحافي كبير في صحيفة مصرية بارزة ان ما قصده السيسي ان الاعلام يجب ان يكون اكثر “دقة” في انتقاداته.
واضاف الصحافي لفرانس برس طالبا عدم كشف هويته ان “السيسي، والذي ياتي من خلفية عسكرية، لن يتسامح تحت ستار حرية التعبير مع اي انتقادات غير ملائمة يمكن ان تهدد الامن القومي“.
لكن هذه الحجة لا تقنع كريم بيطار، الباحث في “معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية” في باريس.
وقال بيطار لفرانس برس ان “تلك التصريحات تظهر ان السيسي لم يستوعب دروس الربيع العربي. انها تعكس عقلية سلطوية، قومية، محافظة وغير ليبرالية“.
واضاف “انها تعيد ايضا فكرة ان العرب يجب ان يضحوا بتطلعات الحرية والديموقراطية من اجل الاستقرار“.
واوضح السيسي في احاديثه انه انطلاقا من الاوضاع في مصر، والتي لا يمكن مقارنتها بالديموقراطيات الغربية، فان “تحقيق ديموقراطية كاملة قد يستغرق 20 او 25 عاما” في مصر اكبر بلد عربي من حيث عدد السكان.
واعتبر بيطار ان تصريحات السيسي تنسجم مع “اولئك الذين يريدون العودة إلى القانون والنظام بعد اضطرابات ما بعد الثورة“.
وتدارك “لكنهم سرعان ما سيصابون بخيبة أمل عندما يدركون أن الاجراءات القمعية المستمرة تزرع بذور عدم الاستقرار في المستقبل.