ويرتبط ذلك بشكل جزئي مع الاحتجاجات التي طالت بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط خلال شهر يناير بالإضافة إلى فبراير الجاري مما أدى إلى فوران سياسي في تونس هرب على أثره رئيسها «زين العابدين بن علي» من البلاد في الرابع عشر من يناير، في حين أجبرت الاحتجاجات والتظاهرات المتواصلة الرئيس المصري «حسني مبارك» على التنحي من منصبه في الحادي عشر من فبراير الجاري.
وكان مؤشر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» قد بلغ مستوى قياسيا جديدا في يناير، في الوقت الذي صرح فيه رئيس البنك الدولي «روبرت زوليك» يوم الأربعاء الماضي محذرا من أن ارتفاع أسعار الغذاء بلغ مستوى يهدد معه عشرات الملايين من الفقراء على الصعيد العالمي.
وهناك بعض الدول التي صارت تكاليف الغذاء عبئا ثقيلا عليها والتي تشمل أوغندا ومالي والنيجر والصومال في أفريقيا، وطاجيكستان وقرغيزستان في آسيا، وهندوراس وغواتيمالا وهايتي في أميركا اللاتينية.
وكانت عقود القمح قد بلغت مستوى قياسيا في بورصة «تشنجتشو» الصينية يوم الرابع عشر من فبراير الجاري، بينما ارتفعت عقود الذرة وفول الصويا إلى أعلى مستوياتها في عامين ونصف العام في بورصة شيكاغو خلال الأسبوع الماضي، حيث تسعى جميع الحكومات من بكين إلى بلغراد إلى رفع وارداتها من الحبوب تخوفا من أي أزمة مقبلة نتيجة نقص الإمدادات.
وقد أشار وزير الزراعة الفرنسي إلى ان العالم يواجه خطرا حقيقيا بسبب استمرار ارتفاع أسعار الغذاء وكذلك السلع الأولية، مما يزيد من احتمال وقوع أعمال شغب في البلدان النامية، حيث أدى ارتفاع الأسعار الحالية إلى وقوع حوالي 44 مليون شخص حوالي العالم داخل نطاق الفقر «المدقع» منذ يونيو عام 2010 وذلك وفق تقديرات البنك الدولي.
ويرى جيف كوري الذي يشغل منصب رئيس قسم أبحاث السلع في بنك «جولددمان ساكس» في لندن أن الأسعار ستستمر في الارتفاع نظرا لمحدودية الأراضي الصالحة للزراعة.
ويضيف كوري ان هناك زيادات واضحة في أسعار الغذاء على مدار العقد الماضي، ويبدو أن هناك تناوبا سيحدث بين محصول وآخر، لكن الأمر الذي يبدو مختلفا هذه المرة حسبما يرى «كوري» قلة القدرة على تدوير العملية الزراعية، حيث ان الطلب المتنامي صار مرهقا للأرض الزراعية مما يؤدي إلى تناقص قدرتها وانتاجيتها.
ومن المعلوم أن ارتفاع تكاليف الغذاء ساهمت في أعمال شغب واسعة حول العالم بما فيها الجزائر وموزمبيق التي قتل فيها 13 شخصا العام الماضي بسبب احتجاجات موسعة ضد رفع أسعار الخبز، وطبقا لبيانات وتقديرات وزارة الخارجية الأميركية فإنه خلال عامي 2007 إلى 2009 فإن أعمال الشغب المتعلقة بالغذاء زادت على 60 خلال تلك الفترة.
اتساع الهوة
من جانبها، ترى منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» ان الإنتاج العالمي من القمح سينخفض بنسبة %4.3 إلى 653 مليون طن متري في موسك 2012/2011، بالمقارنة مع الموسم السابق، في حين ان الطلب سيرتفع بنسبة %1.2 إلى 667 مليون طن، مما يعني وجود عجز قدره 14 مليون طن بين الإنتاج والطلب، أما تقديرات وزارة الزراعة الأميركية الصادرة في ديسمبر الماضي فترى الإنتاج عند 645.4 مليون طن والطلب عن 665.2 مليون طن أي أن الفجوة موجودة وبشكل أوسع.
وكانت الصين قد أعلنت على لسان وزير زراعتها «هان تشانج فو» في التاسع من فبراير/شباط الجاري تضرر حوالي %42 من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية المزروعة قمحا في ثماني مقاطعات رئيسية شمال البلاد نتيجة الجفاف غير المعتاد الذي ضربها، مما يهدد محصول البلد الأكثر استهلاكا للقمح على المستوى العالمي.
يشار إلى أن عقود القمح بلغت مستوى 9.1675 دولار للبوشل في بورصة شيكاغو يوم الرابع عشر من فبراير الجاري وهو أعلى سعر لها منذ أغسطس عام 2008 بعد ارتفاعها بنسبة %76 العام الماضي، مقارنة بـ %88 للذرة و%47 لفول الصويا.